نيويورك تايمز: كيف قد يستخدم ممداني سلطاته كرئيس بلدية بطرق تؤثر على إسرائيل؟

دولي – هلا نيوز اونلاين
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن فوز زهران ممداني المحتمل برئاسة بلدية نيويورك، قد يُحدث تحولًا سياسيًا في علاقة المدينة بإسرائيل، إذ قد يستخدم صلاحياته في الاستثمار والتعيينات والإشراف على الشرطة لدعم مواقفه المناهضة لسياسات تل أبيب، خاصةً فيما يتعلق بصناديق التقاعد والمقاطعة الاقتصادية (BDS)، مما قد يفتح نقاشًا واسعًا حول تأثير السياسة المحلية على الصراع في الشرق الأوسط.
وتقول الصحيفة إن معارضة ممداني لسياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين قد تنعكس على استثمارات نيويورك، وتعييناته، وتوجهات الشرطة.
قبل عامين، قدّم النائب في مجلس ولاية نيويورك زهران ممداني مشروع قانون يهدف إلى سحب الإعفاء الضريبي من الجمعيات الخيرية المحلية التي تموّل جماعات المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية.
لم يُكتب للمشروع النجاح، فأعاد طرح نسخة معدّلة منه في العام التالي تحت اسم “ليس على حسابنا” وفشل مجددًا.
اليوم، وبعد أن أصبح المرشّح الأوفر حظًا لرئاسة بلدية نيويورك، قد يجد ممداني نفسه قريبًا في موقعٍ يمكّنه من تحويل قناعاته السياسية إلى سياسات عملية. فقد وصف ما يحدث في غزة بأنه “إبادة جماعية”، وصرّح مرارًا بأن “على المدن الكبرى أن تتحمّل مسؤوليتها الأخلاقية في المحاسبة”.
صلاحيات قد تُستخدم لتغيير التوازن
قد تنعكس مواقف ممداني من إسرائيل على قراراته المتعلقة بتعيين أعضاء مجالس إدارة الهيئات العامة، وعلى إشرافه على تعامل شرطة نيويورك مع المظاهرات المناهضة لإسرائيل، بل وحتى على ما إذا كانت المدينة ستقاطع شركات تستثمر في الدولة العبرية.
ويقول فريق حملته إن “ممداني، كرئيس بلدية، لن يكون ملزمًا تمامًا بالمواقف التي اتخذها كنائبٍ تشريعي”.
لكن تصريحاته الأخيرة تشير إلى نوايا سياسية واضحة؛ فقد أعلن أنه سيوجّه شرطة نيويورك لاعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إذا زار المدينة، رغم تأكيد خبراء قانونيين أن مثل هذا الإجراء مستحيل قانونيًا وقد ينتهك القانون الفدرالي.
ملف الاستثمار وصناديق التقاعد
بصفته رئيسًا للبلدية، سيتمتع ممداني بنفوذٍ مباشر على استثمارات صناديق التقاعد الخاصة بموظفي المدينة، التي تبلغ قيمتها نحو 300 مليار دولار.
وخلال مسيرته الجامعية والسياسية، كان من أبرز أنصار حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) ضد إسرائيل.
وقال في مقابلة حديثة: “يجب ألا تكون لدينا أموال مستثمرة في ما يخالف القانون الدولي”.
وأضاف أنه سيواصل سياسة المراقب المالي المنتهية ولايته، براد لاندر، الذي قرر عدم إعادة شراء سندات دولة إسرائيل بعد استحقاقها، رغم أن الصندوق لا يزال يملك استثمارات تُقدّر بنحو 300 مليون دولار في شركات وعقارات إسرائيلية.
لكن مارك ليفين، رئيس بلدية مانهاتن والمتوقّع فوزه بمنصب المراقب المالي، أعلن نيّته استئناف شراء السندات الإسرائيلية، ما قد يضعه على مسارٍ تصادمي مع ممداني.
وقال سكوت سترينغر، المراقب المالي السابق: “الطريقة التي سيتعامل بها ممداني مع قضية سحب الاستثمارات ستكون اختبارًا مبكرًا. هل سيتحوّل كلامه الأخلاقي إلى سياسة فعلية؟ آمل ألّا تتحول مدينتنا إلى مدينةٍ تقاطع إسرائيل”.
الجدل السياسي والديني
منذ خسارته أمام ممداني في الانتخابات التمهيدية، سعى الحاكم السابق أندرو كومو لاستمالة الناخبين اليهود، متّهمًا ممداني بأنه “متعاطف مع الإرهاب”، ومعلنًا أن “معاداة الصهيونية هي شكل من أشكال معاداة السامية”.
أما ممداني، فنفى تلك الاتهامات بشدّة، مؤكدًا أنه سيعزز حماية اليهود في نيويورك ويدعم برامج مكافحة معاداة السامية.
كما صرّح مؤخرًا بأنه لا يشجّع على استخدام عبارة “عولمة الانتفاضة” التي يعتبرها البعض دعوةً للعنف ضد اليهود، رغم أنه كان سابقًا يرفض التعليق عليها قائلًا إن “مهمته ليست مراقبة لغة الآخرين”.
مواقفه من المؤسسات الإسرائيلية
سبق أن دعا ممداني إلى مقاطعة حرم جامعة كورنيل في جزيرة روزفلت بسبب شراكتها مع معهد التخنيون الإسرائيلي الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع الجيش الإسرائيلي.
وقالت متحدثة باسمه إنه سيُعيد تقييم تلك الشراكة إذا أصبح رئيسًا للبلدية، إذ يملك صلاحية تعيين أعضاء مجلس إدارة هيئة تشغيل الجزيرة، ما يمكّنه من اختيار شخصياتٍ تشاطره معارضته لسياسات إسرائيل.
كما أعلن أنه سيعمل على إنهاء “مجلس نيويورك- إسرائيل الاقتصادي” الذي أسسه العمدة الحالي إريك آدامز لتعزيز التعاون الاقتصادي بين الجانبين.
تأثير محتمل على سياسة المدينة
يرى السيناتور التقدمي جاباري بريسبرت، المقرب من ممداني، أن صديقه “سيجد طرقًا لدعم حركة المقاطعة (BDS) من موقعه الجديد”: “لقد كان دائمًا متمسكًا بمبادئه، وسيسلّط الضوء على اعتراضاته على الحكومة الإسرائيلية مهما كانت التبعات السياسية”.
ويضيف: “النقاش حول فلسطين وإسرائيل سيستمر، وهذا في مصلحته. أنصار فلسطين يكسبون المعركة على صعيد الخطاب العام”.
ما بين السياسة المحلية والصراع الدولي
من المتوقع أن يثير فوز ممداني المحتمل نقاشًا غير مسبوق في نيويورك حول علاقة المدينة بإسرائيل، في لحظة تتقاطع فيها السياسة المحلية مع التوترات العالمية.
وبينما يرى مؤيدوه أن مواقفه تعبّر عن “أخلاق العدالة العالمية”، يحذّر منتقدوه من أن تحوّل تلك المواقف إلى سياسة رسمية قد يعيد رسم حدود الدور الأمريكي المحلي في نزاع الشرق الأوسط.




