“حرب الوقود” تهدد جيش مالي بالشلل وتنذر بتفاقم الأزمة

تتفاقم يوماً بعد يوم تداعيات حصار المنتجات البترولية الذي فرضه متطرفو جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” التابعة لتنظيم القاعدة في باماكو، وباتت الآن تهدد مهام الجيش ورجال الشرطة الذين تعرض 50% من عتادهم العسكري للشلل.
وتتزايد الهجمات على قوافل الإمدادات، وكان آخرها هجومًا وقع على بُعد 60 كيلومترًا فقط من العاصمة المالية، لكن تحاول السلطات المالية مقاومة هذا الخطر، حيث أفادت مصادر محلية بوصول قافلة من ألف شاحنة صهريج محملة بالوقود إلى باماكو، فجر الجمعة، ترافقها قوات من الجيش، استقبلها حشد من المواطنين بابتهاج.
وحسبما ذكرت المصادر، فإن الاستياء يتصاعد إزاء الوضع في العاصمة المالية؛ بسبب الحصار الذي فرضه المتشددون لمنع شاحنات الصهاريج القادمة من السنغال وساحل العاج من الدخول للبلاد.
وتعرّضت قافلة نقل ووقود قرب باماكو لهجوم شنّته جماعة النصرة، وهو ما يطرح تساؤلات بشأن تمكن المتشددين من شن هجوم بهذا الحجم على بُعد كيلومترات قليلة من العاصمة، التي يُفترض أن تكون منطقة آمنة.
وتؤثر أزمة الوقود الحادة في مالي بشكل خطير على الجيش، ففي مذكرة داخلية سرية متداولة، أبلغ رئيس الأركان المالي وزيره المشرف أن حوالي نصف المركبات ومدرعات وشاحنات بيك أب وغيرها متوقفة عن العمل؛ بسبب نقص إمدادات الوقود.
ولمعالجة الوضع المتفاقم، أعلنت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة في باماكو تخصيص عدة محطات بنزين لقوات الدفاع والأمن في باماكو ومنطقة كاتي. وأبلغت السلطات العسكرية الجنود بضرورة التزود بالوقود حصرياً من هذه المحطات لتجنب الانتظار في طوابير طويلة.
وتوضح المصادر، أيضاً أن استراتيجية المتطرفين المتمثلة في قطع طرق التواصل الرئيسية بين المدن قائمة منذ فترة طويلة في مناطق مختلفة من مالي، وخاصة في غاو وموبتي وتمبكتو وكيدال.
وبحسب تقارير مالية محلية، فإن نقص البنزين وغيره من الوقود في باماكو لا يأتي فقط من الحصار الذي فرضه المتشددين، بل أيضاً من عمليات التخزين التي يقوم بها عدد من الأشخاص الذين يستولون على كميات كبيرة من الوقود لإعادة بيعها بأسعار مبالغ فيها في السوق السوداء.
ولاحظ الجيش أن بعض المناطق تتلقى وقودًا أكثر مما تحتاجه محليًّا، وخوفًا من وصول الفائض إلى أيدي المتشددين، فرضت السلطات حصصًا على كمية البنزين المرسلة إلى هذه المناطق. وردّت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بتوسيع نطاق المناطق الخاضعة لحواجزها.
وقد حثّت عدة دول غربية، منها الولايات المتحدة وإيطاليا وألمانيا، مواطنيها على مغادرة البلاد في أقرب وقت ممكن. ودعت واشنطن جميع مواطنيها إلى الرحيل من مالي على متن الرحلات التجارية المتاحة نظرًا لتدهور الوضع الأمني والاقتصادي، وهذا هو التحذير الثاني من نوعه في أقل من 10 أيام.
ومنذ سبتمبر/أيلول الماضي، وسّع المتشددون نطاق نفوذهم ليشمل المنطقة المحيطة بباماكو، مستهدفين بشكل رئيسي المركبات المدنية، مثل الحافلات والسيارات الخاصة.
وفي هذه الحالات الأخيرة، يستهدفون النساء، ويهاجمون من لا يرتدين الحجاب، ثم يبتزون السائقين والركاب، كما توجد حالات اختطاف مقابل فدية.
ورغم تواجد الجيش المالي الذي جاء لتأمين المنطقة، غادر عشرات الأشخاص قرية ليري الواقعة على بعد حوالي 60 كيلومتراً من الحدود الموريتانية؛ بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية.




