الأخبار المحلية

عنوان خطبة الجمعة الموافق 31-10-2025م

بسم الله الرحمن الرحيم

( فضل العلم والتعلم )

………………………………..

الْحَمْدَ لِلَّهِ الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، نحمده ونستعينه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة حق تنجينا من عذاب أليم ، عليها نحيا وعليها نموت ، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله ، أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة وكشف الغمة ، وجاهد في الله حق جهاده وترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ، اللهم صلّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

عباد الله : لقد شرّف الله تعالى العِلمَ والعُلماء. يقول الله تعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ آل عمران: 18. فانظر كيف بدأ سبحانه وتعالى بنفسه وثنى بالملائكة وثلّث بأهل العلم. وناهيك بهذا شرفاً وفضلاً وجلاءً ونُبلاً. يقول الله تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ المجادلة: 11. ويقول المولى سبحانه وتعالى: (إِنَّمَا يَخشَى ٱللَّهَ مِن عِبَادِهِ ٱلعُلَمَٰؤُاْ) فاطر: 28. ويقول ربنا سبحانه وتعالى: ﴿وَلَو رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُوْلِي ٱلأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَستَنبِطُونَهُۥ مِنهُم﴾ النساء: 83. فقد ردّ الله سبحانه وتعالى حُكمهُ في الوقائع إلى استنباطِ العلماء وأَلحَقَ رُتبَتَهم بِرُتبَة الأنبياء عليهم السلام في كشف حُكم الله. وقال رسول الله ﷺ: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ، وَإِنَّ المَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضَاءً لِطَالِبِ العِلْمِ، وَإِنَّ العَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ حَتَّى الحِيتَانُ فِي المَاءِ، وَفَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ، كَفَضْلِ القَمَرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ، إِنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا العِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ»، سنن الترمذي. ومعلوم أنه لا رتبة فوق النبوة ولا شرفَ فوق شرفِ الوراثة لتلك الرتبة. والوراثة من الأنبياء إنما تكون بالعلم.
فأوّل ما يجب معرفته والعلم به هو معرفة الله تعالى بأنّه هو الربُّ الخالقُ الواحدُ لا شريكَ له، وأنّ سيِّدَنا محمدًا ﷺ عبدُ اللهِ ورسولُهُ إلى الإنس والجنّ كافّة. يقول الله تعالى: ﴿فَٱعلَم أَنَّهُۥ لَا إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱستَغفِر لِذَنبِكَ وَلِلمُؤمِنِينَ وَٱلمُؤمِنَٰتِ وَٱللَّهُ يَعلَمُ مُتَقَلَّبَكُم وَمَثوَىٰكُم﴾ محمد: 19. ويقول ربُّنا تبارك وتعالى: ﴿‌مُّحَمَّدٌ ‌رَّسُولُ ‌ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّاءُ عَلَى ٱلكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَنَهُم تَرَىٰهُم رُكَّعًا سُجَّدًا يَبتَغُونَ فَضلًا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضوَٰنًـا سِيمَاهُم فِي وُجُوهِهِم مِّن أَثَرِ ٱلسُّجُودِ﴾ الفتح:29.
وثاني ما يجب تعلمه ومعرفته ما يتوقف عليه صحة أركان الإسلام مِن صلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ وحجٍّ. فلا تصح الصلاة بغير علم بها وبشروطها. فيجب على المسلم أيضًا تعلّمُ الطهارةِ من وُضوءٍ وغُسلٍ وإزالةِ النّجاسةِ. وكُلُّ عبادةٍ لها شروطٌ وأركانٌ لِتَصِحَّ بها، كما أنّ لها مُبطلاتٍ ينبغي تجنّبُها. وهذا العلم هو المقصود بقول النبي ﷺ: «طلب العلم فريضة على كل مسلم»، سنن ابن ماجه. ومتى قصّر المسلم في تعلم الواجب عليه أثِم، ووقع في عبادة باطلة.
وثالث ما يجب تعلمه: ما يجب اعتقاده من أركان الإيمان. فإنّ الإيمان، كما وصفه رسول الله ﷺ: «‌أَنْ ‌تُؤْمِنَ ‌بِاللهِ، ‌وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» ، رواه مسلم.
رابعًا، فيجب على كلِّ مُسلمٍ أن يَعرِفَ حُكمَ الله في أيِّ شأنٍ قَبلَ أن يَشرَعَ فيه، إن كان فرضًا أو مستحبًّا أو مُباحًا أو مكروهًا أو مُحرّمًا. فكُلُّ أمرٍ يتعرّض له المسلمُ يجبُ عليهِ أن يَعرفَ حُكمَ اللهِ فيه وأن يَعملَ حَسبَ حُكمِهِ.
خامسًا، يجبُ على كلِّ مسلمٍ أن يَكونَ مُلِمًّا في عملِهِ والعِلمِ الذي يحتاجُهُ ذلك العمل. فعلى المعلِّمِ مثلًا علمُ وسائل التربية والتعليم بالإضافة إلى علم المادة التي يدرِّسُها. وعلى العسكري أن يعلمَ العلومَ العسكريةَ. وعلى الأُمِّ علمُ تربية الأولاد. وعلى الطبيب علم الطب، وهلمَّ جرًّا. يقول الله تعالى: ﴿قُل ‌هَل ‌يَستَوِي ‌ٱلَّذِينَ يَعلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعلَمُونَ﴾، الزمر:9.
وفي الختام، قال رسول الله ﷺ: (‌أَلَا ‌إِنَّ ‌الدُّنْيَا ‌مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَاّ ذِكْرَ اللهِ وَمَا وَالَاهُ وَعَالِماً أَوْ مُتَعَلِّماً)، رواه الترمذي.
اللهم إنا نتوجه إليك في غزة والضفة وأهل فلسطين أن تداوي جراحهم، وتشافي مصابهم، وترحم شهداءهم، وأن تذيقهم حلاوة الجبر، بعد مرارة الصبر، وخصَّ برحمتك أولئك الذين قضوا تحت الأنقاض ولم يتمكن أحد من الوصول إليهم أو العثور عليهم من حجم الدمار وتطاير الأشلاء. اللهم وأنزل عليهم السكينة والطمأنينة. وخفف عنهم واربط على قلوبهم يا رب.

الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ آل عمران:102.

واعلموا عباد الله أن الله قد أمركم بأمر عظيم بدأ به بنفسه وثنى بملائكة قدسه، فيقول الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ سورة الأحزاب: الآية 56

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى