الأخبار الدولية

“ترامب أول اختبار”.. مسارات شائكة وتحديات دبلوماسية أمام زعيمة اليابان

بعد أيام فقط من توليها منصبها، تواجه الزعيمة اليابانية الجديدة سلسلة من اختبارات السياسة الخارجية المتتالية، مع اجتماعها بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في طوكيو، بالتزامن مع قمتين لمنطقة آسيا في ماليزيا وكوريا الجنوبية، وفقًا لتقريرٍ لوكالة “أسوشيتد برس”.

وسيتعين على رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي، ذات الخبرة المحدودة في الشؤون الدولية، أن تتعامل مع مطالب ترامب وعدم القدرة على التنبؤ بتصرفاته، ومع تحذيرات الصين من دعمها القوي للبناء العسكري، وآرائها اليمينية بشأن غزو اليابان لبكين قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية.

وتصل تاكايتشي إلى ماليزيا يوم السبت لعقد اجتماعات مع زعماء جنوب شرق آسيا، ثم تعود إلى اليابان للقاء ترامب، قبل أن تتوجه إلى كوريا الجنوبية لحضور قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ في نهاية الأسبوع.

وفي أول مؤتمرٍ صحفي لها كرئيسةٍ للوزراء، وصفت جدول أعمالها بأنه “مليء” بالأحداث الدبلوماسية، وقالت إنه سيكون فرصةً ثمينةً للقاء زعماء إقليميين آخرين.

ومن المقرر أن يحضر الزعيم الصيني شي جين بينغ القمة في كوريا الجنوبية أيضًا، حيث من المقرر إجراء محادثات مع ترامب، لكن الاجتماع الفردي مع تاكايتشي سيكون مفاجأة.

لم يُهنئ شي، ولا رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، تاكايتشي علنًا منذ توليها منصب رئيسة الوزراء يوم الثلاثاء. وقدّما التهنئة فورًا لسلفها شيغيرو إيشيبا، الذي كانت له مواقف أكثر اعتدالًا تجاه الصين.

لطالما كانت أمريكا أهم حليفٍ وحامٍ لليابان، ولكن، كما هو الحال مع حلف الناتو وحلفاء آخرين، طالب ترامب اليابان بزيادة مساهمتها في دفاعها. كما وجّهت رسومه الجمركية على الواردات ضربةً لاقتصاد البلاد.

تعهدت تاكايتشي، يوم الجمعة، بتسريع خطةٍ لزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي لليابان، وهو مقياسٌ لحجم الاقتصاد. وأوضحت أن الهدف سيتحقق في مارس/آذار بدلًا من عام 2027.

وقالت في خطابٍ سياسي أمام البرلمان: “في المنطقة المحيطة باليابان، تثير الأنشطة العسكرية والإجراءات الأخرى من جانب جيراننا؛ الصين وكوريا الشمالية وروسيا، مخاوفَ خطيرة”.

وربما يكون ترامب أكثر تركيزًا، في كلٍّ من اليابان وكوريا الجنوبية، على مطالبه بمزيدٍ من الاستثمار في الولايات المتحدة، ولا سيّما في المصانع التي من شأنها أن تخلق فرصَ عملٍ للعمال الأمريكيين.

ومن الممكن أن تستفيد تاكايتشي من كونها تلميذةً سياسيةً لرئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي، الذي يبدو أنه فاز بثقة ترامب خلال فترة الولاية الأولى للرئيس الأمريكي.

كما أنها تتفق مع آبي في آرائه حول تاريخ الحرب، وربما أكثر منه؛ فقبل توليها منصب رئيسة الوزراء، كانت من بين المشرعين المحافظين الذين دأبوا على زيارة ضريح ياسوكوني في طوكيو لإحياء ذكرى قتلى الحرب اليابانيين.

وأثارت هذه الزيارات غضب الصين وكوريا الجنوبية، لأن المكرَّمين يشملون زعماءَ سابقين أُدينوا بارتكاب جرائم حرب بسبب أفعالهم خلال الحرب العالمية الثانية.

وتغيّبت تاكايتشي عن الزيارة خلال مهرجان الخريف في وقتٍ سابقٍ من هذا الشهر، عندما بدا من المرجَّح أن تصبح زعيمةً لليابان.

وستكون مهمةُ تاكايتشي الأساسية الآن هي تحقيق الاستقرار السياسي، ويعتقد الخبراء أنها ستمتنع عن التعبير عن آرائها بشأن الحرب، وستبقى بعيدةً عن الضريح لتجنّب أيّ اشتعالٍ قد يهزّ حكومتها الائتلافية الضعيفة وغير المختبرة.

وقال جيرالد كورتيس، الخبير في السياسة اليابانية بجامعة كولومبيا: “سيكون من الحماقة منها، خاصةً في عامها الأول، أن تثير حادثةً دبلوماسيةً كبيرةً لمجرّد أنها تريد الذهاب إلى ضريح ياسوكوني”.

وأضاف أن أنصارها من اليمين يعلمون أنها في صفِّهم، لذلك فهي لا تحتاج إلى زيارة الضريح لإثبات ذلك لهم.

واتفق خبيرٌ صيني في الشؤون اليابانية مع هذا الرأي، إذ أشار ليان ديجوي من جامعة شنغهاي للدراسات الدولية إلى أن آبي حافظ على العلاقات مع الصين، حتى في الوقت الذي عزَّز فيه التعاون العسكري مع الولايات المتحدة، وسعى دون جدوى إلى مراجعة الدستور السلمي لليابان، وهي قضيةٌ ساخنةٌ أخرى بالنسبة للصين.

وقال: “إذا استطاعت أن تتعلّم من آبي، فلن تتدهور العلاقات الثنائية”. وأضاف: “نادِرًا ما زار آبي ضريح ياسوكوني عندما كان رئيسًا للوزراء، وهذا هو أساس العلاقات الثنائية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى