الأميرة بسمة: المساواة في الأجر وبيئة العمل ضرورة تسهم في تقوية النسيج الاجتماعي

أكدت سمو الأميرة بسمة بنت طلال، أن انضمام الأردن عام 2018 للتحالف الدولي للإنصاف في الأجور، كأول دولة عربية، جاء انطلاقا من إيمان المملكة بأهمية تحقيق العدالة والإنصاف في الأجور بين الجنسين وزيادة نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة.
وقالت سموها خلال ترأسها الاثنين، الجلسة الحوارية على هامش الاجتماع العشرين للجنة الأردنية للإنصاف في الأجور، إن الأردن كان من أوائل الدول في المنطقة، التي صادقت على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمساواة وعدم التمييز، مبينة أن اللجنة شكلت خلال مسيرتها نموذجا مميزا للشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني.
وأشارت سمو الأميرة، بحضور وزيرة التنمية الاجتماعية وفاء بني مصطفى والأمينة العامة لوزارة التربية والتعليم سحر الشخاترة، إلى التعديلات المهمة التي أدخلت إلى التشريعات الوطنية، أبرزها التعديلات على قانوني العمل والضمان الاجتماعي، لتوفير بيئة عمل أكثر أمانا ودعما لعمل المرأة، وصولا إلى منع التمييز في الأجور بين الجنسين.
ولفتت سموها إلى أهمية تعزيز آليات الرقابة والتنفيذ ورفع قدرات النساء وتشجيعهن على تطوير مسيرتهن المهنية، مؤكدة ضرورة توفير فرص متكافئة ومراعاة احتياجات الجنسين في بيئة العمل.
وأوضحت سمو الأميرة أن استمرار أعباء الرعاية غير مدفوعة الأجر للنساء بشكل غير متوازن، يشكل عائقا أمام مشاركتهن الاقتصادية، معتبرة أن المساواة في الأجر وبيئة العمل ضرورة تسهم في تقوية النسيج الاجتماعي وازدهار الأسر ونمو الأعمال وتسارع وتيرة التطور والازدهار.
من جانبه، استعرض وزير العمل خالد البكار خلال الجلسة التي أدارها رئيس لجنة العمل والتنمية الاجتماعية في مجلس الأعيان العين عيسى مراد، أبرز التعديلات التي طالت قانون العمل والأنظمة والتعليمات الصادرة بموجبه، وتعديل قانون الضمان الاجتماعي لتعزيز الحماية الاجتماعية للعاملين والعاملات في القطاع الخاص.
وأكد البكار أن هذه التعديلات تهدف إلى توفير بيئة عمل آمنة وأكثر عدالة، وترسيخ مبدأ المساواة والحد من التمييز في سوق العمل، مبينا أن بيئة العمل تلعب دورا مهما في زيادة الجاذبية للعمل.
ولفت إلى مبادرة الفروع الإنتاجية التي تنفذها وزارة العمل بتوجيهات ملكية، في مناطق الأرياف والبوادي، وباتت تشغل أكثر من 9500 عامل معظمهم من الإناث في أماكن قريبة من سكنهن، مما وفر بيئة عمل جاذبة لهن.
وثمن البكار جهود اللجنة الأردنية للإنصاف في الأجور برئاسة مشتركة بين وزارة العمل واللجنة الوطنية لشؤون المرأة، التي ساهمت بالتوعية بالحقوق العمالية للعاملين والعاملات على مدار 15 عاما.
بدورها، أكدت الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة مها علي، أهمية دور اللجنة الأردنية للإنصاف في الأجور في تعزيز الحقوق الاقتصادية للنساء، للمساهمة بشكل كبير في دعم تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للمرأة 2020-2025، التي وضعت التمكين الاقتصادي للنساء ضمن أولوياتها.
وبينت أن جهود اللجنة ساهمت في تحسّن واضح في تقليص فجوة الأجور، إذ انخفض معدل الفجوة في القطاعين العام والخاص من 10.9 بالمئة عام 2010 إلى 7.3 بالمئة للعام 2023، مشيرة إلى دور اللجنة في دعم إصلاحات تشريعية مهمة ساهمت في توفير بيئة عمل صديقة وداعمة للمرأة، بالإضافة إلى العمل على معالجة تحديات تواجهها النساء في قطاعات محددة مثل التعليم الخاص، الذي ما زال يعاني من اختلالات في موضوع الأجور.
وأكدت أهمية العمل على تعميم تجربة إلزام أصحاب العمل بالتحويل الإلكتروني للأجور في قطاع التعليم الخاص من خلال الحسابات البنكية أو المحافظ الإلكترونية على مختلف القطاعات، بما يُعزّز من حماية حقوق العاملين والعاملات ويدعم الشمول المالي وخاصة للنساء.
وقالت، إن اللجنة تعمل على دراسة قطاع الصحة، لوجود فجوة واضحة في الأجور به، والحاجة إلى النظر بشكل معمّق في بيئة وظروف العمل ومدى مراعاتها لاحتياجات الجنسين، لا سيما وأن هذا القطاع يُعدّ من القطاعات الأكثر تشغيلا للنساء.
ودعت إلى إصدار دليل إرشادي للشركات حول أدوات التقييم الذاتي للفجوة في الأجور داخل المؤسسات؛ لتمكينها من وضع الخطط التصحيحية لمعالجة أي اختلالات، وبما يُسهم في تأهيل المؤسسات للحصول على شهادة الختم المؤسسي، لدعم وتمكين المرأة والحد من الفجوة في الأجور.
وأشار رئيس غرفة تجارة الأردن العين خليل الحاج توفيق، في ورقة بعنوان” القطاع الخاص كشريك في إنفاذ تشريعات المساواة في الأجور” إلى أهمية العمل المشترك بين جميع القطاعات للوقوف على أسباب وعوامل التمييز في الأجور بين الجنسين، مؤكدا أن المساواة في الأجور لها فوائد اقتصادية كبيرة.
وأكدت المنسقة القطرية وخبيرة التوظيف للبلدان العربية في منظمة العمل الدولية، آمال موافي، أهمية وقيمة المساواة في الأجر عن العمل ذي القيمة باعتباره أحد الركائز الجوهرية للعمل اللائق وحقوق الإنسان في العمل.
وبينت أن منظمة العمل الدولية أقرت هذا المبدأ منذ خمسينيات القرن الماضي؛ من خلال اتفاقيتين أساسيتين بشأن المساواة في الأجر، عام 1951، والتمييز في الاستخدام والمهنة عام 1958، مبينة أن الأردن كان من أوائل الدول العربية التي صادقت عليهما، مما يعكس التزامه المبكر بمبادئ العدالة والمساواة في العمل، وأساساً راسخاً لجهود المملكة المستمرة في تعزيز الإنصاف في الأجور وتمكين المرأة في سوق العمل.
وأوضحت الموافي أن الأمم المتحدة تبنت هذا المفهوم كأولوية في أهداف التنمية المستدامة، لا سيّما الهدف الخامس المتعلق بالمساواة بين الجنسين، والهدف الثامن حول العمل اللائق ونمو الاقتصاد.
وأشار نائب رئيس اللجنة المؤقتة لإدارة التعليم الخاص في الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن، أحمد الشوابكة، إلى تجربة العقد الموحد للعاملين في التعليم بالقطاع الخاص، وجرى من خلالها أتمتة عقود العمل، مؤكدا أن هذه التجربة رائدة وطموحة في حماية حقوق العاملين في هذا القطاع.
وأشار الشوابكة إلى منصة عقد العمل الموحد للعاملين بالتعليم الخاص التي أطلقت العام الماضي، بحيث تحل العقود الإلكترونية بموجبها بدل العقود الورقية، وما توفره المنصة من مواد قانونية توعوية للمعلمين حول حقوقهم.
وأكدت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في الأردن، شيري ريتسيما، أن الأردن جعل المساواة في الأجر خيارا سياسيا وليس مجرد طموح، فكان من أوائل الدول في العالم العربي التي أنشأت آلية وطنية مخصصة لتحقيق المساواة في الأجور، قبل أن يصبح هذا الموضوع أولوية على جدول التنمية العالمي، مشيرة إلى تقلص فجوة الأجور بين الجنسين في الأردن من نحو 14 بالمئة عام 2009 إلى نحو 7 في المئة اليوم، وفقاً لإحصاءات منظمة العمل الدولية.