مقالات و آراء

نوبل للسلام.. جائزة بلا سلام

إيمان عكور

*يُفترض أن تُمنح جائزة نوبل للسلام لمن يوقف حربًا، يُنقذ أرواحًا، يزرع جسورًا بين أعداء. لكن ما نراه اليوم شيء آخر تمامًا: جائزة سياسية تُمنح لمن يرضى عنهم الغرب، لا لمن يُرضي ضميره الإنساني.*

*الفائزة هذا العام، ماريا كورينا ماتشادو، زعيمة المعارضة الفنزويلية، لم تُوقف حربًا، لم تُنقذ لاجئين، ولم تُحدث أي تغيير في خريطة السلام العالمي. ما فعلته أنها وقفت في وجه نظام مادورو، وهذا وحده كفيل بأن يجعلها “بطلة” في نظر العواصم الغربية. الجائزة لم تُمنح من أجل السلام، بل من أجل الموقف السياسي المناسب.*

*والأغرب أن أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي كتبوا رسائل للجنة نوبل يطالبون فيها بترشيحها، وكأن الجائزة أصبحت أداة ضغط تُدار باللوبيات، لا وسامًا يُمنح بضمير حيّ. أما ترامب، الذي أقنع نفسه أنه يستحقها لأنه “أوقف الحروب”، ففاتَه أن نوبل لا تُمنح للأقوياء، بل لمن يخدم رواية الأقوياء.*

*الواقع أن الجائزة فقدت معناها منذ سنوات.*
*مُنحت لأوباما قبل أن يفعل شيئًا سوى إطلاق الوعود. ثم للاتحاد الأوروبي، ثم لصحفيين ومنظمات تموَّل من القوى نفسها التي تبيع السلاح وتشعل الحروب. المفارقة أن من يصنع الخراب يكرّم من “يتحدث” عن إصلاحه.*

*كيف تُقنع العالم بلجنة تتحدث عن السلام فيما تموَّل من دولٍ تشارك في الحروب؟*
*كيف تمنح الشرعية لأشخاص لا يعرف عنهم أحد إلا موقفهم السياسي؟*

*إنها مسرحية أنيقة الإخراج، تُستخدم لتلميع وجوه وتصفية حسابات.*
*نوبل للسلام اليوم ليست تكريمًا، بل صفقة جديدة في سوق النفوذ العالمي.*

*من يستحقها فعلًا؟*
*إن كان في هذا العالم من يستحق جائزة نوبل للسلام، فهو جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، الرجل الذي لم يرفع شعارات، بل حمل السلام كرسالةٍ ثابتة وموقفٍ أخلاقيّ لا يتغير بتغيّر العواصف.*
*منذ أكثر من عقدين، وهو يُنادي بحلٍّ عادلٍ وشاملٍ للقضية الفلسطينية، ويدافع عن القدس والمقدسات، ويقود بلده بثبات وسط نيرانٍ لا تنطفئ في الإقليم، دون أن يتخلى عن لغة العقل والاعتدال.*

*الملك عبدالله لم يبنِ مجده على رماد الآخرين، ولم يستخدم السلام كدعاية.*
*بل جعله نهجًا أردنيًا أصيلاً، يمارَس بالفعل لا يُقال في الخطابات.*
*من يرسل طائرات الإغاثة إلى غزة، ويساند اللاجئين، ويقف وحيدًا أحيانًا في وجه العاصفة دفاعًا عن الحق… لا يحتاج وسامًا ليُثبت أنه صانع سلام.*

*قد تُمنح الجائزة لأسماء كثيرة، لكنّ التاريخ وحده يمنح الشرعية.*
*وجلالته نالها بالفعل، من شعبه أولًا، ومن العالم الذي يعرف أن صوت الأردن – مهما اشتدت العواصف – سيبقى صوت العقل في زمن الجنون .*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى