مقالات و آراء

مساطر لا تتشابه..

محمود الدباس – أبو الليث..
في حياتنا اليومية.. نصادف اختلافات عجيبة.. أحدهم يرى في شراء الرخيص ذكاءً وتدبيرا.. وآخر يرى في شراء الغالي هيبة وذوقا..
أحدهم يعجب بخطيب.. أو مُحاور لا يقرأ من ورق.. لأنه حاضر الذهن.. وآخر يصفق لمن يقرأ من ورقة.. لأنه يريد أن يكون دقيقاً.. فيبذل جهداً في التحضير والكتابة..
وتجد أناسا ينتقدون فلانا.. لأنه يبدي رأيه في معظم القضايا.. فيما آخرون ينتقدون غيره.. لأنه لا يتحدث إلا في مجال تخصصه.. أو موضوع بعينه..
وهكذا نفس الفعل.. يثير رأيين متناقضين.. وكل طرف يظن أنه الأصدق والأعمق..

لكن الحقيقة.. أن المسطرة التي نقيس بها الأشياء.. ليست واحدة.. فما نراه نحن كمالا.. قد يراه غيرنا نقصا.. وما نعتبره نحن نقصا.. قد يراه غيرنا حكمة.. لذلك يصبح الاختلاف أمرا طبيعيا.. لا عيبا.. والاختلاف في جوهره.. ليس مشكلة.. بقدر ما هو فرصة لفهم زاوية أخرى من المشهد..

غير أن المشكلة تبدأ.. حين يتحول الرأي إلى معركة.. وحين يصبح الجدل.. إثباتا للذات على حساب الآخر.. هنا تضيع الحكمة.. فالكلمة تتحول من جسر إلى سلاح.. واللسان من وسيلة للتقارب إلى ساحة خصومة.. وكأن كل طرف يريد أن يثبت.. أنه وحده على صواب.. وأن غيره لا يفهم شيئا..

فلنختر كلماتنا بعناية.. ولنطرح أفكارنا بتهذيب.. فليس الهدف أن نسقط الآخر.. أو نثبت جهله.. بل الهدف.. أن نضيف وعيا جديدا ونثري النقاش.. ونمارس إنسانيتنا بأرقى صورها.. فما تراه خطأ.. قد يراه غيرك صوابا.. وفي النهاية.. كلنا بشر نصيب ونخطئ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى