الطب في بلادي

طه الحراحشه
نحتاج اليوم إلى مراجعة عميقة تضع الإنسان قبل الأرقام، والإنسانية قبل الإجراءات ،، ما يحدث في القطاع العام من اكتظاظ أمام العيادات مشهد يرهق المريض والطبيب والمريض معاً، فمئات المراجعين ينتظرون ساعات طويلة في ظروف صعبة، وكأن المريض مجرد رقم على ورقة لا كيان ،،
المؤمن في القطاع العام يجد نفسه مضطراً في النهاية إلى طرق أبواب القطاع الخاص، وما يحمله ذلك من كلفة موجعة على جيب المواطن،، أعرف أن الضغط كبير على الأطباء والممرضين، وأن المسؤولية جسيمة، ولكن يجب ألا يغيب عن بالنا أن المريض لا يحتاج فقط إلى وصفة دواء، بل يحتاج إلى كلمة طيبة، وابتسامة صادقة، ودعماً نفسياً يخفف عنه قبل أي علاج ولهم الاجر ايضا,,
أحياناً، نجد أن الطبيب لا يجتهد بالشكل المطلوب بسبب كثرة المراجعين، أو أن الممرض يتعامل بخشونة من قبل التمريض قد تضيف ألماً على ألم المريض ،، الأسوأ أن المريض يجبر على البحث عن واسطة ليأخذ حقه الطبيعي في العلاج، أو ليختصر عليه دور طويل قد لا يقوى جسده على احتماله ،، تخيلوا مريض قلب ينتظر ساعات وهو يختنق، أو مسنّة لا تستطيع الجلوس طويلاً بسبب آلام ظهرها وركبتيها، أو رجل يعاني من البروستات يضطر إلى دخول دورة المياه كل بضع دقائق، كيف نساوي بين هؤلاء وبين شاب جاء فقط لطلب إجازة ؟
الحل بسيط لكنه يحتاج إلى وعي؟ أن يكون هناك تمريض مدرّب يضع الملفات أمامه ويُدخل المرضى بحسب حالتهم، لا بحسب ترتيب الرقم، مراعاة للعمر والمرض والأولوية,, هذه هي الإدارة الحقيقية للمستشفيات، وهذا هو جوهر الطب الإنساني،،
أوجه تحية لإدارات المستشفيات التي تحاول أن تعمل في ظروف صعبة، وأقول لهم: حتى لو كانت ابتسامتكم مصطنعة أحياناً، فهي دواء بحد ذاته,, المريض يحتاج أن يشعر أن الأمور بخير، وأن مرضه يمكن تجاوزه، وأن من حوله يتعامل معه كإنسان كامل، لا كجزء من طابور طويل وانه مجرد رقم ،،
هذا ما أردت أن أطرحه هذا الصباح، علّنا جميعاً نعيد النظر في مفهوم الطب والإنسانية والاداره الحقيقيه ولا تدفع المؤمنين للذهاب بمريضهم الى القطاع الخاص فهم على اوضاع الاقتصاديه لا تحتمل،،




