تكنولوجيا

الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط.. بين سرعة الموظفين وبطء المؤسسات

تواجه شركات الشرق الأوسط تحديات متزايدة في تهيئة كوادرها للتكيّف مع التحولات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي، في وقت يزداد فيه اعتماد الموظفين على أدوات ذكاء اصطناعي موجهة للمستهلك مثل «شات جي بي تي» (ChatGPT) لإنجاز مهامهم اليومية.

ورغم الوعود الطموحة التي ترافق الثورة الرقمية المدفوعة بالذكاء الاصطناعي، أكّد تقرير لموقع ، استناداً إلى أبحاث «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» (MIT)، أن التحديات الحقيقيّة لا تكمن في قدرات التكنولوجيا بحدّ ذاتها، بل في آليات تطبيقها داخل المؤسسات.

أظهر تحليل «حالة الذكاء الاصطناعي في الأعمال» الصادر عن المعهد الشهر الماضي أن 95% من استثمارات الشركات في تقنيات الذكاء الاصطناعي لم تحقق حتى الآن أي عوائد ملموسة. ويرى الخبراء أن السبب الرئيس يعود إلى أسلوب نشر هذه الحلول داخل المؤسسات، لا إلى نقص في إمكاناتها التقنية.

وفي الإطار نفسه، أظهرت دراسة لشركة «إندافا» (Endava) أن واحداً من كل أربعة من صُنّاع القرار في الإمارات يعتبرون مؤسساتهم مستعدة فعلياً لتبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي، لاسيما في ما يتعلق بإدارة البيانات والتحليلات.

كما بيّن تقرير لشركة الاستشارات «كورن فيري» (Korn Ferr) أن 5% من قادة الموارد البشرية عالمياً، ومن بينهم في الشرق الأوسط، يشعرون بالجاهزية لإدماج هذه التقنيات في أعمالهم، في حين لم يعلن أي من المشاركين في الاستطلاع عن جاهزية «كاملة».

رغم بطء الشركات، تُظهر الإمارات حضوراً لافتاً في مشهد التحول الرقمي، حيث يشير تقرير لشركة «لينكد إن» (LinkedIn) إلى أن 80% من المهنيين في الدولة يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي بانتظام في أعمالهم اليومية.

وأشار باحثو «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» إلى أن الكثير منهم يعتمدون على منصات مفتوحة مثل «شات جي بي تي» و«جيميني» (Gemini)، حتى في ظل استثمارات مؤسساتهم في أنظمة خاصة.

وأكد خبراء أن المشكلة بالأساس تنظيمية وإدارية، اذ قال أنيل خورانا من كلية «ماكدونو للأعمال بجامعة جورجتاون»: «التكنولوجيا ليست العائق الأكبر، بل كيفية تطبيقها على أرض الواقع». فيما يرى ليفنت إرجين، كبير الاستراتيجيين في شركة «إنفورماتيكا» (Informatica)، أن «العنق الزجاجي يتمثل في نضج المؤسسات وثقافة البيانات، لا في التكنولوجيا نفسها».

وأضاف أن فرق الإدارة، رغم شعورها المتزايد بضغط تبني الذكاء الاصطناعي، تصطدم بواقع مختلف يتمثل في اقتصار الجهود على مشروعات تجريبية معزولة، وتحديات ناتجة عن أطر تنظيمية متغيرة يصعب مجاراتها، فضلاً عن ضعف التنسيق مع أقسام المخاطر والشؤون القانونية والامتثال.

ورغم العقبات، تسجّل بعض المؤسسات نجاحات لافتة. فقد أفادت «غيت هاب» (GitHub) بأن مساعدها البرمجي «كوبايلوت» (Copilot) رفع إنتاجية المبرمجين بنسبة تصل إلى 55%، بينما أشارت «آي بي إم» (IBM) إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي خفّض وقت معالجة فرقها المالية بنسبة 80%، ما وفّر آلاف الساعات وقلل من معدل الأخطاء.

واعتبر المدير العام لشركة «إندافا» في الإمارات والسعودية، ديفيد بوست، أن بطء الدمج لا يعكس فشلاً، بل عمق التحول المطلوب. وقال: «لقد شهدنا انفجاراً في استخدام الذكاء الاصطناعي خلال ثلاث سنوات فقط، لكن البنية التحتية المؤسسية الداعمة تحتاج إلى مزيد من الوقت للنضج».

وأضاف: «نحن في مرحلة انتقالية؛ من اعتبار الذكاء الاصطناعي أداة جديدة إلى التعامل معه كضرورة استراتيجية، وهذا يتطلب خطوات مدروسة ومنهجية، لاا تحولاً بين ليلة وضحاها».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى