مقالات و آراء

فوضى ملف العمالة الوافدة المخالفة .. وما يترتب عليه من ضياع……ملايين الدولارات على الاردن سنويا .. الى اين ؟

د هايل ودعان الدعجة

من منطلق الحرص على المال العام وحقوق البلد المالية ، فاني سأقوم بتسليط الضوء على فوضى ملف العمالة الوافدة المخالفة التي لا تحمل تصاريح عمل ، وما يترتب عليه من ضياع ملايين الدولارات على الاردن . وهو الموضوع الذي كتبت حوله الكثير من الكتابات والمقالات والتعليقات ، لعلي انجح في حفز الجهات الرسمية المعنية بهذا الملف الوطني بالقيام بواجبها ، وبما يضمن ضبطه واستعادة حقوق البلد المالية . لذا فاني سأضع النقاط والملاحظات التالية بين يدي المسؤول والمواطن ووسائل الاعلام الاردنية المختلفة ، لمعرفة التبعات السلبية المترتبة على هذا الملف على المال العام والاقتصاد الوطني على امل ان تجد لها الحلول المناسبة .

وهذه النقاط والملاحظات هي :

١- عدم معرفة عديد العمالة الوافدة في بلدنا بشكل عام ، والعمالة المخالفة التي لا تحمل تصاريح عمل بشكل خاص والتي تبلغ مئات الالاف على اية حال .. حيث تتضارب تصاريح وزراء العمل حول ذلك .. ما بين ٨٠٠ الف عامل لا يحمل تصريح .. و٤٠ الف تقريبا ، وعلينا ملاحظة هذه الفجوة الكبيرة وغير المعقولة في هذه التصريحات الصادرة عن مسؤولين اردنيين على علاقة مباشرة بهذا الملف .
لكنهم يتفقون تقريبا على ان العمالة المرخصة التي تحمل تصاريح عمل حوالي ٣٠٠ الف عامل .. لكن السؤال .. من اصل كم ؟!.
٢- اذا ما علمنا ان رسم تصريح العمل الواحد سنويا يصل الى حوالي ٨٥٠ دينار اردني ( حوالي ١٢٠٠ دولار ) مكون من رسم تصاريح العمل وبوليصة التأمين والفحص الطبي الذي يبلغ ٨٥ دينار .. فلنا ان نتخيل الملايين وحتى المليارات من الدولارات المهدورة والضائعة على بلدنا .. اذا ما ضربنا هذا المبلغ ( ١٢٠٠ دولار ) ب .. ٥٠٠ او ٦٠٠ او ٧٠٠ او ٨٠٠ الف عامل وافد لا يحملون تصاريح عمل .
٣- بعض العمالة لا تحمل تصاريح عمل من سنة وسنتين وثلاث وربما اكثر .
٤- العمالة الوافدة ترتفع اجرتها اليومية بحجة ارتفاع رسم التصريح مع انها لا تدفعه اصلا .
٥- بعض وزراء العمل لا يعطي ارقاما حقيقية عن العمالة الوافدة ولا العمالة المخالفة التي لا تحمل تصاريح عمل .. اما لانه لا يعرف واما لانه لا يريد ان يظهر بانه مقصرا بواجبه .. بدليل التفاوت الكبير في الارقام كما يظهر في تصاريح وزراء العمل .. هل يعقل ان يصرح وزير بان العمالة الوافدة حوالي ٨٠٠ الف واخر يتحدث عن حوالي ٤٠ الف فقط ….!!!!.
٦- في الوقت الذي يعتمد فيه بلدنا على القروض والمساعدات ويجري مفاوضات مع صندوق النقد الدولي وبعض الدول والمؤسسات المالية في المنطقة والعالم من اجل الحصول على ٥٠ او ١٠٠ او ٢٠٠ مليون دولار ، فانه يضيع مئات الملايين من الدولارات سنويا موجودة بين يديه كحقوق مالية للبلد لا تدفعها العمالة الوافدة ، بسبب عدم حصول مئات الالاف منها على تصاريح عمل .
وبنفس الوقت فان بعض الحكومات الاردنية تصرح عن قيامها بتخفيض المديونية ٢٠٠ مليون دولار او اكثر .. مع ان بامكانها زيادة هذا الرقم الى اضعاف لو انها حصلت هذه الرسوم من العمالة المخالفة التي لا تحمل تصاريح عمل .
٧- كيف لبلد ان يقبل بوجود اشخاص غير اردنيين على ارضه بشكل مخالف .. بدون اقامات ولا تصاريح .. ليس من ناحية اقتصادية ومالية فقط ، وانما من ناحية امنية ..،وهل يمكننا تصور وجود عمالة مخالفة او اشخاص مخالفين للاقامة في دولة خليجية مثلا ؟!.
٨ – كيف للحكومة تحصيل ما يترتب لها على المواطن الاردني من اموال وبشتى الطرق .. كأن تضع اسمه على الحدود او تعطل اي معاملة له في الدوائر الحكومية والرسمية ، ولا تستطيع تحصيلها من الغرباء على ارضها ..
٩ – في الوقت الذي يعلن فيه البنك المركزي الاردني عن قيمة حوالات المغتربين الاردنيين .. فانه لا يعلن عن قيمة حوالات غير الاردنيين الى خارج الاردن .. مما يقودنا الى معضلة اخرى مترتبة على وجود العمالة الوافدة وباعداد كبيرة جدا في بلدنا ، ممثلة بالعملة الصعبة التي تقوم هذه العمالة باخراجها خارج بلدنا الذي احوج ما يكون لها نظرا لظروفه الاقتصادية والمالية الصعبة .
١٠- الاعباء التي تشكلها العمالة الوافدة على موازنة الدولة نتيجة مشاركتها المواطن الاردني في الحصول على المواد والسلع المدعومة والضغط على الخدمات والبنى التحتية .
١١- بعض الحكومات قدمت مقترحا لتخفيض قيمة تصريح العمل ٣٠٪؜ .. وكأنها تنصاع للواقع الذي فرضته العمالة الوافدة عليها من خلال تهربها وعدم دفعها رسوم تصاريح العمل .. الامر الذي يشجع على زيادة العمالة وبقائها في البلد
مقابل زيادة نسبة البطالة بين الاردنيين .
١٢- الحكومات ونتيجة فشلها في ضبط ملف العمالة الوافدة .. تلجأ الى سياسة ما يسمى بتصويب اوضاع العمالة الوافدة .. في تنازل صريح عن حقوق البلد المالية نتيجة عدم تحصيلها رسوم تصاريح العمل ..
وهناك الكثير .. الكثير من الملاحظات المرتبطة بملف العمالة الوافدة .. التي تؤكد على الفوضى التي يعاني منها .. وما يترتب عليه من ضياع ملايين الدولارات على بلدنا مع كل اسف .
ليبقى السؤال الكبير .. اين موقع هذا الملف الوطني الذي يعاني من الفوضى على اجندات الاجتماعات والوورش التي تعقد تنفيذا لرؤية التحديث الاقتصادي بشكل خاص ، ومخرجات منظومة التحديث ممثلة بالمسار الاقتصادي بشكل عام ؟!.
واخيرا .. من يستعيد لبلدنا الذي يعاني اوضاعا ماليا صعبة جدا حقوقه المالية من العمالة الوافدة ؟!.
وهذا تحليل د محمد الفرجات على ملاحظاتي اعلاه ..

تحليل تقرير سعادة النائب د. هايل ودعان الدعجة / ملف العمالة الوافدة

عنوان التقرير: سيناريو مالي-اقتصادي لِعَوَائِد ضبط ملف العمالة الوافدة في الأردن
إعداد مبنيّ على ملاحظات د. هايل ودعان الدعجة والافتراضات المعلنة والمنطق الاقتصادي

مقدمة تتجلى أهمية ملف العمالة الوافدة في الأردن من زاويتين أساسيتين: البُعد المالي (إمكانات تحصيل عوائد حكومية مباشرة وغير مباشرة) والبُعد الأمني والاجتماعي (تنظيم الإقامة والعمل، وحماية سوق العمل المحلي). تُشير ملاحظات د. هايل الدعجة إلى فوضى واضحة في تحديد أعداد العمالة الوافدة المخالفة وتباين كبير في أرقام المسؤولين، وما ينتج عن ذلك من ضياع «حقوق مالية» للدولة بقيمة قد تصل إلى مئات الملايين سنوياً. هذا التقرير يقدّم سيناريوهات رقمية واقعية ومتحفظة لقياس العوائد المحتملة لو نُفّذت سياسات ضبط فعّالة.

الافتراضات الأساسية المستخدمة في الحسابات

1.⁠ ⁠عدد العمالة المرخَّصة حالياً مستخدم كمرجع: تقريباً 300,000 عامل.

2.⁠ ⁠سيناريوهات عدد العمالة المخالفة (غير الحاملة لتصاريح عمل): نستخدم أربعة مستويات استرشادية تمثّل نطاق الاحتمالات المعلنة أو المتداولة: 100,000؛ 300,000؛ 600,000؛ 800,000 عامل.

3.⁠ ⁠متوسط التكلفة السنوية لتصريح العمل الواحد (شاملة رسم التصريح، بوليصة التأمين، الفحص الطبي، وغيرها) نفترضه مرجعياً: 850 دينار أردني/سنة.

4.⁠ ⁠سعر صرف تحويلي تقريبي للأرقام العرضية: 1 دينار ≈ 1.41 دولار أمريكي.

5.⁠ ⁠العوائد غير المباشرة (ضرائب ومساهمات ضمان اجتماعي) تُقدَّر في سيناريو متحفظ بمتوسط 300 دينار سنوياً/عامل عند إدراجه في سوق العمل الرسمي.

6.⁠ ⁠الأرقام التالية مقاربة تقديرية توضيحية — لتحسين الدقة مطلوب حصر فعلي رقمي من وزارة العمل/الداخلية والبنك المركزي.

السيناريو المالي المباشر: إيرادات رسوم تصاريح العمل عند تقنين العمالة المخالفة إذا تم تقنين وضع العمال المخالفين بالكامل وسُدِّدت لهم رسوم التصاريح السنوية المرجعية (850 د.أ لكل عامل) فإن الإيرادات السنوية ستكون كما يلي:

في حالة تقنين 100,000 عامل: الإيراد السنوي من رسوم التصاريح ≈ 85,000,000 دينار أردني (ما يعادل تقريباً 120 مليون دولار).

في حالة تقنين 300,000 عامل: الإيراد السنوي من رسوم التصاريح ≈ 255,000,000 دينار أردني (ما يعادل تقريباً 360 مليون دولار).

في حالة تقنين 600,000 عامل: الإيراد السنوي من رسوم التصاريح ≈ 510,000,000 دينار أردني (ما يعادل تقريباً 719 مليون دولار).

في حالة تقنين 800,000 عامل: الإيراد السنوي من رسوم التصاريح ≈ 680,000,000 دينار أردني (ما يعادل تقريباً 959 مليون دولار).

ملاحظات على السيناريو المباشر أ. هذه الأرقام تمثّل الإيراد المباشر من رسوم/تصاريح فقط ولا تشمل أي غرامات قِدم أو تأخير أو مبالغ تُحصّل عند مزيد من الإجراءات القانونية.
ب. بعض قطاعات وأصناف العمال قد تُفرض عليها رسوماً أعلى أو أقل؛ لذلك الأرقام قابلة للتفاوت حسب هيكلة الرسوم وفئات المهن.
ج. أي عملية «تصويب» جماعي قد تتضمّن تسهيلات أو تخفيضات تشجيعية تقلّل الإيراد الأولي، لكنها قد تزيد التحصيل على المدى المتوسط عبر إدخال العمالة ضمن النظام الرسمي.

العوائد غير المباشرة المتوقعة

1.⁠ ⁠إيرادات ضريبية وضمان اجتماعي:

افتراض متحفظ: 300 دينار إضافية سنوياً كمتوسط إيراد إضافي (ضرائب ومساهمات) لكل عامل يتم قيده رسمياً.

إذا دخل 300,000 عامل النظام الرسمي، فإن الإيراد الإضافي يصبح ≈ 90,000,000 دينار سنوياً.

2.⁠ ⁠تقليص «تسريب» العملة الصعبة عن طريق ضبط وتحويل الحوالات الرسمية:

العمالة غير المنظمة تخرج جزءاً من المدفوعات إلى خارج البلد بطرق أقل تسجيلاً؛ تنظيم الملف يقلل التسريب ويعزّز احتياطيات العملة الصعبة. حتى تقليص بسيط للتسريب (مثلاً 5–10%) يمكن أن يُحسّن الموقف النقدي بعدة عشرات أو مئات الملايين من الدولارات اعتماداً على حجم الحوالات الحالية.

3.⁠ ⁠خفض ضغوط الدعم والخدمات:
ضبط وضع المقيمين سيتيح توجيه برامج الدعم إلى المستحقين من الأردنيين، ويخفف الاستهلاك غير المبرر للسلع والخدمات المدعومة. التوفير السنوي المحتمل من تخفيف الضغط على الدعم يمكن أن يصل إلى عشرات الملايين من الدنانير.

4.⁠ ⁠أثر إيجابي على موضوعات الدين العام والتفاوض مع المانحين:

الإيرادات المباشرة والمتتالية (مثلاً 255 مليون د.أ في السيناريو المتوسط) تُمكّن الحكومة من تقليل الحاجة إلى قروض قصيرة الأجل أو تحسين شروط التفاوض مع الجهات المانحة، مما يعني فوائد مالية غير مباشرة (تخفيض فوائد، تحسين التصنيف، غيرها).

تأثير ضبط الملف على سوق العمل والاقتصاد الوطني:

1.⁠ ⁠سوق العمل: تحوّل العمالة إلى نظام رسمي يخلق شفافية في بيانات التشغيل، يسهل تخطيطاً أفضل لبرامج إحلال وتدريب الأردنيين، وقد يساهم على المدى المتوسط في تقليص بطالة الأردنيين في قطاعات معينة.

2.⁠ ⁠تكاليف الإنتاج: بعض القطاعات (الزراعة، البناء، الخدمات المنزلية) قد تشهد ارتفاعاً في التكاليف نتيجة فرض رسوم رسمية وأجور عادلة؛ يتطلب ذلك سياسات انتقالية (حوافز، برامج تدريب، دعم مؤقت للأجور).

3.⁠ ⁠الأثر الأمني والاجتماعي: تنظيم الإقامة والعمل يحسّن إجراءات الأمن، ويخفف من ثغرات استغلال العمال ويعزز الحقوق العمالية الأساسية.

4.⁠ ⁠توزيع الأثر: يجب الانتباه إلى أن التحوّل المفاجئ لسوق العمل دون بدائل قد يخلق ضغوطاً قصيرة الأجل؛ لذلك اللازم خطة مرحلية ومصاحبة اجتماعية واقتصادية.

مخاطر التنفيذ وكيفية التخفيف منها:
1.⁠ ⁠حركة خروج جماعي للعمال أو نقل غير منظم للطلب: تخفيف التداعيات يتم عبر خطة مرحلية وتعاون مع دول المصدر والقطاع الخاص.

2.⁠ ⁠تهرّب أرباب العمل من الالتزام: تشديد العقوبات وحملات تفتيش مستمرة، وربط تراخيص العمل والنشاط بمستندات الامتثال.

3.⁠ ⁠فقدان عائدات في المدى القصير بسبب سياسات تيسير (خصومات تصويب): تصميم برنامج تصويب يوازن بين حافز الدخول للنظام وتحقيق تحصيل حقيقي (مهلة قصيرة مع خصومات متناقصة).

4.⁠ ⁠أثر تضخمي مؤقت: مراقبة أسعار السلع الأساسية وتخصيص صندوق دعم مؤقت إن لزم لتخفيف أثر انتقال تكاليف على الفئات الضعيفة.

خطة تنفيذ مرحلية مقترحة (موجزة)

1.⁠ ⁠مرحلة التقييم (0–3 أشهر): إطلاق حصر إلكتروني موحّد (ربط وزارة العمل، وزارة الداخلية، والسجل المدني، والبنك المركزي) لحصر الأعداد الحقيقية وتقسيمها بالقطاعات والمحافظات.

2.⁠ ⁠مرحلة التصويب المنظمة (3–9 أشهر): إعلان مهلة رسمية لتصويب الأوضاع؛ نظام رسوم واضح مع آليات دفع مرنة وغرامات تصاعدية؛ حملات توعية موازية.

3.⁠ ⁠مرحلة الانتقال إلى الرقابة الدائمة (بعد 9 أشهر): دمج آليات الربط الإلكتروني، تشديد تفتيش أرباب العمل، فرض عقوبات آنية على المخالفين المتكررين.

4.⁠ ⁠مراحل داعمة: برامج تدريب وإحلال للأردنيين في القطاعات المتأثرة؛ شراكات مع دول المصدر لتنظيم الاستقدام حسب حاجة الاقتصاد؛ تحسين قواعد بيانات الحوالات البنكية لرصد تدفق العملة.

خلاصة وتوصية نهائية
يعد ضبط ملف العمالة الوافدة بشكل جاد ومنظّم فرصة مالية وطنية حقيقية يمكن أن تدرّ للخزينة، على نحوٍ متحفظ، بين 85 مليون دينار سنوياً (في حالة تقنين 100 ألف عامل) وحتى 680 مليون دينار سنوياً (في حالة تقنين 800 ألف عامل) فقط من رسوم التصاريح المرجعية. في السيناريو المتوسط (تقنين 300 ألف عامل) يتوقع دخول نحو 255 مليون دينار سنوياً، إضافة إلى إيرادات غير مباشرة (ضرائب ومساهمات) يمكن أن تضيف نحو 90 مليون دينار سنوياً في مثالٍ متحفظ. هذه الموارد قادرة على تغيير بنية التفاوض المالي الخارجي وخفض الاعتماد على قروض صغيرة، شرط توفر إرادة سياسية، تخطيط تقني (منصة إلكترونية موحّدة للحصر والتحصيل)، وتنفيذ مرحلي يحمي سوق العمل والمجتمع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى