اقتصاد

رسوم ترامب أمام المحكمة العليا.. هل يحدث «كساد عظيم» وانهيار للأسواق؟

يبدو أن قصة التعريفات الجمركية لم تنته بعد، وكما كانت الحدث الأبرز في شهري يوليو وأغسطس، يبدو أنها ستظل أيضاً الأكثر جدلاً وإرباكاً للأسواق في سبتمبر، وأكتوبر الذي بات يحمل موعداً تاريخياً لتعريفات يوم التحرير التي اطلقها الرئيس الأميركي في أبريل من العام الجاري.

بعدما قضت محكمة الاستئناف الأميركية بعدم قانونية معظم الرسوم الجمركية، انتقد ترامب حكم المحكمة على منصته «تروث سوشيال»، وكتب منشوراً قال فيه: «إذا استمر هذا القرار، فإنه سيدمر الولايات المتحدة الأميركية فعلياً».

يذكر أن الحكم الأحدث ليس الأول من نوعه، في مايو، قضت محكمة التجارة الدولية، ومقرها نيويورك، بعدم قانونية الرسوم الجمركية، وتم تعليق هذا القرار خلال إجراءات الاستئناف.

قال ترامب على «تروث سوشيال»: «قالت محكمة الاستئناف المنحازة إنه يجب وقف التعريفات الجمركية لدينا، لكنهم يعرفون أن الولايات المتحدة الأميركية سوف تفوز في النهاية».

أضاف ترامب: «إذا أُلغيت التعريفات، فسيكون ذلك كارثةً شاملةً على البلاد، سيجعلنا ذلك ضعفاء مالياً، وعلينا أن نكون أقوياء»، كما تبنى ترامب وجهة نظر محاميه بشأن احتمال حدوث انهيار مالي على غرار الكساد العظيم.

يأتي هذا الحكم رداً على دعاوى قضائية رفعتها شركات صغيرة وائتلاف من الولايات الأميركية، بعد أوامر ترامب التنفيذية في أبريل، التي فرضت تعريفات جمركية أساسية بنسب لا تقل عن 10% على معظم دول العالم، بالإضافة إلى تعريفات جمركية متبادلة على عشرات الدول.

قبل صدور الحكم، زعم محامو البيت الأبيض أن إبطال التعريفات الجمركية من شأنه أن يؤدي إلى انهيار مالي على غرار انهيار سوق الأوراق المالية عام 1929، وهو ما أدى إلى الكساد العظيم.

المحامون كتبوا في رسالة نشرتها وسائل الإعلام الأميركية: «إلغاء سلطة الرئيس في فرض التعريفات الجمركية بموجب قانون الصلاحيات الاقتصادية الدولية الطارئة، فجأة، من شأنه أن يؤدي إلى عواقب كارثية على أمننا القومي وسياساتنا الخارجية واقتصادنا».

أضاف المحامون: «يعتقد الرئيس أن بلادنا لن تكون قادرة على سداد تريليونات الدولارات التي تعهدت دول أخرى بسدادها بالفعل، وهو ما قد يؤدي إلى دمار مالي».

برر ترامب الرسوم الجمركية بموجب قانون الصلاحيات الاقتصادية الدولية الطارئة (IEEPA)، الذي يمنح الرئيس سلطة التصرف ضد التهديدات غير العادية والاستثنائية.

ومنذ تولى الحكم في فترته الثانية أعلن ترامب حالة طوارئ وطنية في ما يتعلّق بالتجارة، باعتبار أن اختلال التوازن التجاري يضر بالأمن القومي الأميركي.

لكن القرار الأحدث لمحكمة الاسئتناف يرى أن فرض الرسوم الجمركية لا يقع ضمن صلاحيات الرئيس، بل من صلاحيات الكونغرس الأساسية.

يقول الحكم المكون من 127 صفحة إن قانون الصلاحيات الاقتصادية الدولية الطارئة لا يَذكر التعريفات الجمركية أو أياً من مرادفاتها ولا يتضمن ضمانات إجرائية واضحة لسلطة الرئيس، تخوّله فرض تعريفات جمركية.

بناءً على ذلك، قضت المحكمة بأن سلطة فرض الضرائب والتعريفات الجمركية تظل من اختصاص الكونغرس، ولا يبطل قانون الصلاحيات الاقتصادية الدولية الطارئة ذلك.

المحكمة أوضحت أنه من غير المرجح أن يكون القصد من إقرار الكونغرس لهذا القانون في عام 1977، تغيير ممارساته السابقة، ومنح الرئيس سلطة غير محدودة لفرض التعريفات الجمركية.

وبحسب القرار إذا كان الكونغرس يريد تفويض الرئيس بسلطة فرض الرسوم الجمركية، يعلن عن ذلك صراحة، إما باستخدام مصطلحات لا لبس فيها مثل التعريفة الجمركية والرسوم، أو من خلال هيكل عام يوضح أن الكونغرس يشير إلى الرسوم الجمركية.

يثير قرار المحكمة تساؤلات حول الصفقات التي اتفقت عليها بعض الدول مع الولايات المتحدة لخفض معدلات الرسوم الجمركية.

ثلاث من تلك الصفقات كان من المفترض أن تجلب للولايات المتحدة استثمارات بنحو 1.2 تريليون دولار من الاتحاد الاوروبي واليابان وكوريا الجنوبية.

وشملت تلك الصفقات تعهد اليابان والاتحاد الأوروبي بشراء نفط وغاز من الولايات المتحدة بقيمة تتجاوز 1.3 تريليون دولار خلال فترة ولاية ترامب.

إذا أيدت المحكمة العليا الحكم، فإن وزارة الخزانة ستحتاج إلى إعادة معظم الرسوم الجمركية الإضافية التي تم تحصيلها خلال الأشهر الخمسة الماضية والتي تبلغ الآن ما يقرب من 100 مليار دولار.

يقول بول آشورث، كبير الاقتصاديين في شؤون أميركا الشمالية لدى «كابيتال إيكونوميكس»: «هناك خطر يتمثل في تراجع دول أخرى عن أي اتفاقيات أولية».

أضاف آشورث: «لدى البيت الأبيض وسائل أخرى لفرض رسوم قطاعية، إلا أن ذلك يثير تساؤلات حول اتفاقيات التجارة التي تم التوصل إليها أو التي يجري التفاوض عليها».

يعني التطور الأخير أن القضية ستتجه الآن إلى المحكمة العليا الأميركية دون شك، وهي محكمة عرفت بمواقفها الصارمة في السنوات الأخيرة تجاه الرؤساء الذين يحاولون تنفيذ سياسات جديدة شاملة، ولا تُمرّر مباشرة من قبل الكونغرس.

خلال رئاسة جو بايدن، توسعت المحكمة في ما سمَّته مبدأ الأسئلة الرئيسية لإبطال جهود الديمقراطيين لاستخدام القوانين القائمة للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من محطات الطاقة، وإسقاط ديون قروض الطلاب لملايين الأميركيين.

إذا وافق قضاة المحكمة العليا التسعة على النظر في القضية، فسيقررون ما إذا كان برنامج التعريفات الجمركية الموسع لترامب، هو مثالاً آخرَ على تجاوزات الرئيس، أم أنه يمتثل إلى القوانين والسلطة الرئاسية الممنوحة له.

تضم المحكمة العليا ستة قضاة معينين من قِبل الجمهوريين، بما في ذلك ثلاثة اختارهم ترامب بنفسه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى