العالم – هلا نيوز اونلاين
أثار قرار المتحف الوطني في البوسنة والهرسك بتخصيص عائدات عرض مخطوطة يهودية ثمينة لدعم سكان قطاع غزة جدلاً واسعاً، مما عكس تعقيدات العلاقات الثقافية والسياسية في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا. وقد دافع المتحف عن قراره، بينما واجه انتقادات حادة من بعض المنظمات اليهودية.
خلفية الجدل: مخطوطة سراييفو هاجادا
تعد مخطوطة سراييفو هاجادا (Sarajevo Haggadah) واحدة من أثمن المخطوطات اليهودية في العالم، وهي كتاب صلاة مزين يعود تاريخه إلى القرن الرابع عشر. وقد نجت هذه المخطوطة من العديد من الصراعات والحروب، بما في ذلك الحرب العالمية الثانية وحرب البوسنة، لتصبح رمزاً للتسامح الثقافي والتعايش في البوسنة والهرسك.
قرار المتحف والتبرع لغزة
قرر المتحف الوطني في البوسنة تخصيص جزء من عائدات بيع التذاكر لرؤية المخطوطة، بالإضافة إلى أرباح بيع منشورات عنها، لدعم سكان قطاع غزة الذين يواجهون ظروفاً إنسانية صعبة. وقد برر المتحف قراره بأنه يأتي في إطار التزامه بالقيم الإنسانية ودعم المتضررين من النزاعات، مشيراً إلى أن المخطوطة نفسها تمثل قصة نجاة وحماية في أوقات الشدة.
ردود الفعل والانتقادات
لم يلقَ قرار المتحف ترحيباً عالمياً. فقد أعربت بعض المنظمات اليهودية، مثل “بناي بريث” (B’nai B’rith)، عن استيائها الشديد، متهمة المتحف بتسييس المخطوطة واستخدامها لأغراض سياسية. واعتبرت هذه المنظمات أن تخصيص الأموال لدعم غزة، في ظل الصراع الدائر مع إسرائيل، يمثل موقفاً معادياً للسامية أو على الأقل غير محايد.
من جانبها، دافعت أطراف أخرى عن قرار المتحف، معتبرة إياه خطوة إنسانية تعكس التضامن مع شعب يعاني. وأشار البعض إلى أن المخطوطة، التي تمثل تاريخاً طويلاً من الاضطهاد والنجاة، يمكن أن تكون رمزاً للتضامن مع أي شعب يواجه محنة.
أبعاد الجدل
يتجاوز الجدل حول هذا القرار مجرد مسألة مالية أو إنسانية، ليمس قضايا أعمق تتعلق بـ:
•تسييس الفن والتراث: هل يجب أن تظل المؤسسات الثقافية والمتاحف بعيدة عن الصراعات السياسية، أم أن لها دوراً في التعبير عن المواقف الإنسانية؟
•التعايش والتسامح: كيف يمكن للمخطوطات والرموز التاريخية أن تخدم قضايا التعايش والتسامح في عالم مليء بالصراعات؟
•الدعم الإنساني: هل يجب أن يكون الدعم الإنساني مشروطاً بالاعتبارات السياسية، أم أنه حق عالمي للمتضررين؟
