مقالات و آراء

من يوميّات «بابا سنفور» في الجامعة الأردنية «43»

فصل صيفيّ حارّ.. من أجمل الفصول الدراسية لديّ.. فالمواد التي أخذتها فيه من المواد التي أحبّها ولا ينكد عليّ فيه إلّا كميّة الأدوية التي أتعاطاها صباحًا قبل المحاضرات. ثمانية أنواع من الأدوية الثقيلة ومراجعات طبيّة خصوصًا بعد تركيب «الشبكيّة» مما يجعل تركيزي أحيانًا يقلّ وأصاب بنوع من التشويش.. حتى أن الدكتورة إيناس الدباس لاحظت ذلك قبل يومين أثناء المحاضرة وطلبت منّي الذهاب للبيت فورًا وقالت : أنت معك «فيتو» بالحضور والغياب نتيجة وضعك الصحي..!

رأيت الدكتور محمد الخريشة فهرولتُ إليه مشتاقًا لابتسامته المنطبعة في ذاكرتي؛ كان يقف مع أكثر من أحد .. سلّمتُ عليه بعد زمن من انقطاع رؤيته.. لم يسلّم عليّ بحماسته المعهودة؛ فظل فكري يضع الاحتمالات: زعلان منّي لسبب أجهله.. لا لا.. هو منشغل في موضوع كبير ولم يركّز معي.. لا لا.. أنا المشوّش والحسّاس والرجل لم تأتِ إليه اللحظة التي تسمح له بإبداء حماسته المعهودة تجاهي.

كل يوم دوام أشعر أن الجامعة فيها شيء جديد وتطوّر جديد وهذا يحسب للدكتور نذير عبيدات رئيس الجامعة.. اللي بده يحكي عنّي منافق وهزّيز ذنب يحكي.. لكنّ ما أراه يحتم عليّ ذكر المؤتمرات العلمية التي لم تتوقف طيلة الأسابيع المنصرمة في الجامعة برعايته وتحت رعايته وبأسماء علمية نخبوية في الأردن والوطن العربي والعالم.. طبعًا هذا لا يعني أن الأمور «لوز» بل هناك انتقادات لأشياء كثيرة ليس موضعها هنا والآن.

نأتي للمواد الصيفية: أكثر المواد قربًا إلى قلبي هي مادة «الإسلام السياسي» فهي جزء من حياتي على مدار ثلاثين عامًا ونيّف ولهذا حكاية طويلة سأرويها لاحقًا. الدكتور وسام الهزايمة والذي ترقّى إلى درجة الأستاذية خبير ومتخصص بهذه المادّة وأستمتع بتحليق لا يوصف بطريقة عرضه للمادة وبعصفه الذهني وبأسئلته الفجائية الصادمة والتي تحفّز الطالب على الفهم والبحث الموسّع فيما بعد.

أما مادة « السياسة الخارجيّة» فهي ممتعة رغم كثرة تفاصيلها المكرّرة بعناوين مختلفة ولكن طريقة الدكتورة لبنى بايوق ومحاولتها الدائمة في جعل كل الطلاب يشاركون تعجبني، وحضّها الطلاب على أن لا حدود للتفكير في أي شأن سياسي بغير خوف إلّا الشؤون المتفق عليها بأنها غير لائقة أو غير علميّة.. فهذا يحوّل طالب العلوم السياسية إلى التفكير في كل ما يجري حوله بدلًا من الاستسلام للشائعات والأخبار الكاذبة.

القانون الدستوري المادة التي كنتُ أؤجلها كل فصل ليكون نصيبي فيها الآن عند الدكتورة إيناس الدباس المليئة بالانسانية أولًا والتي تجتهد بشكل واضح لتجعل المادة سهلة الفهم وتفاجئ الطلاب أيضًا بأسئلة تجعلهم يركزون بإجابات زملائهم ثانيًا.. ولا يمكن أن تتجاوز فكرة أو نقطة أو معلومة دون أن تشعر أن الطلاب شبعوها بعد هضم.. والدكتورة إيناس تذكّرني دائما بالدكتورة شيرا محاسنة التي أفتقدها في هذا الفصل لأنهما كما أرى يشكلان ثنائيًّا مميزا في كُلّيتنا..!

بابا سنفور تعبان.. لكنه مستمتع بدراسته الجامعية مع الشيب والأدوية.. وصارت علاقته بالطلاب أكثر قربًا وأكثر تبادلية ويطمح برؤية أحلام زملائه الشباب تتحقّق ولا تتحطّم مع صخور الطريق التي لا تنتهي..

للحديث بقية.. انتظروني..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى