ابتكار مالي يثير أسئلة فقهية
هلا نيوز اونلاين
في ظلّ توسّع منصّة باينانس وإطلاقها باقة عملات رقمية متوافقة مع الشريعة الإسلامية، شهد العامان 2024 و2025 موجة واسعة من اعتماد شبكات البلوكتشين على خوارزمية إثبات الحصّة (PoS). بات بإمكان المستثمرين رهن عملاتهم للمساهمة في أمن الشبكة ونيل مكافآت دوريّة. ومع هذا التطوّر، نشأ سؤال مركزي لدى المستثمرين المسلمين: هل يُعَدّ هذا العائد ربحًا مشروعًا قائمًا على المشاركة، أم فائدةً ربويةً؟ يستعرض هذا التقرير أبعاد المسألة من منظور تقني وشرعي، ويقدّم إطارًا عمليًا لاتخاذ قرار واع.
يبدأ الستيكينغ بنقل العملات إلى عقد مقيّد للمشاركة في عملية التحقق، ومن ثم يحصل المستثمر على مكافآت دورية بناءً على حصته. إلا أن هذه العملية تتضمن مخاطر مثل تقلّب القيمة، أو تجميد الأصل، أو خصومات نتيجة سوء سلوك الشبكة.
فقهيًا، الفرق الجوهري بين الربا والمشاركة الشرعية يكمن في غياب ضمان العائد. فإذا خلت العملية من ضمان لرأس المال أو نسبة ربح ثابتة، واحتفظ المستثمر بملكية الأصل، فإن ذلك يقرّبها من المضاربة. لكن في حال تضمّنت العقود ضمانات أو عوائد ثابتة، اقتربت من الربا الممنوع شرعًا.
تنوعت المواقف الفقهية المعاصرة بين الجواز المشروط، والمنع، والتوقف، وهو ما يستدعي فحص كل بروتوكول على حدة، ومراجعة الأنشطة التي يستثمر فيها. وأطلقت باينانس في يوليو 2025 منتجًا جديدًا باسم “شريعة Earn”، يضم فقط البروتوكولات التي اجتازت تدقيقًا شرعيًا مستقلًا.
من أبرز ملامح “شريعة Earn” عدم ضمان رأس المال، وتوفير تقارير دورية، وخدمة تطهير الأرباح. ومع ذلك، لا تُعدّ الشهادة الشرعية ختمًا دائمًا، بل تستوجب مراجعة مستمرة للعقود الذكية والأنشطة.
ينبغي على المستثمر المسلم التحقق من بقاء الأصل باسمه، وغياب الضمانات، ووضوح آلية توزيع المكافآت. كما يجب عليه مراقبة العائد وتوزيع المخاطر، واستخراج الزكاة، ومتابعة الهيئات الشرعية المتخصصة.
خلاصة القول، أن الستيكينغ ليس ربا بذاته، ويجوز شرعًا في حالات معينة تتوفّر فيها الشروط اللازمة، بشرط تحمّل الخسارة وغياب الضمان، وتجنّب الأنشطة المحرّمة. ومع إطلاق أدوات مثل “شريعة Earn”، بات بالإمكان الجمع بين التقنية الحديثة والامتثال لمبادئ الشريعة، بشرط المتابعة المستمرة والوعي المالي والشرعي