مقالات و آراء

حكايتي والصحافة

مقالات واراء – هلا نيوز اونلاين

حكايتي والصحافة
بقلم: عاطف أبو حجر

الصحافة ليست حبرًا على ورق، بل نارٌ تشتعل في القلب، وهمٌّ يُكتب قبل أن يُقرأ.
لم يكن المايكروفون، ولا الأستوديو، ولا مكتب التحرير… هو البداية.
بل كانت البداية ورقةً بيضاء، وطفلًا يكتب كأنّه يغيّر العالم.

من بين أزقّة الحارة، وتحت ضوءٍ خافت، بدأت حكايتي مع الكلمة…
لا جمهور، ولا شهرة، فقط شغف بريء، ويدٌ صغيرة تمسك القلم كأنها تمسك مصيرها.

طفلٌ رئيس تحرير… ومجلة بطباعة وهمية!

كنت في الثالثة عشرة من عمري،وكما يظهر في إطار الصورة… لا شنب، ولا ذقن لي ، ولا حتى هيبة الصحفيين!
كل من يشاهدها يقول: هذا طفل في المرحلة الابتدائية، مش كاتب مقال!
يمكن المصور كان متآمرًا… أو الإضاءة ضدي… أو ببساطة، شكلي ما زال رافضًا يكبر!
لكن ما دام القلم حاضر… فالمظهر؟ لا يهمني! عندما قررت إصدار مجلتي الأسبوعية الخاصة.
كانت تنقل أخبار الأصدقاء، وتُغطّي مناسبات الحارة.
كتبتها بالكامل بخط يدي، على ثماني ورقات A4، وعيّنت نفسي رئيسًا للتحرير… بلا نقاش!

كان الزميل نضال شكري، بخطه الجميل، يتكفّل بكتابة العناوين.
ثم أتوجّه إلى مكتبة “أطلس” في شارع البلدية، وأطبع 30 نسخة فقط.
لكن الجرأة كانت أكبر من الحقيقة… فقد كتبت على الغلاف بكل ثقة:
“تم طباعة 3000 نسخة”!

هكذا، لم أكن فقط صحفيًا هاويًا، بل أيضًا “رئيس تحرير كاذب”…
بروح طفلٍ يحلم أن يكون مؤثرًا.

كبر الحلم معي، ومع مرور الوقت بدأت أراسل الصحف الأردنية الكبرى.
لم يكن الطريق سهلاً، لكنه كان صادقًا.

تعرّفت على أسماء لامعة تركت أثرًا في داخلي:
محرر صفحة “مع الناس” في صحيفة الرأي، والراحل فوز الدين البسومي من الدستور،
وعبد الرحيم غنّام من صوت الشعب، وذكريات حرب من العرب اليوم.

ومع الوقت، أصبحت مقالاتي تُنشر أسبوعيًا، وأصبح لي قرّاء يناقشونني في المضافات،
والسهرات، والمناسبات.

ويا له من شعور، حين يأتيك أحدهم بابتسامة ويقول:
“مقالك اليوم… عالوجع!”
كلمات لا تُشترى، ولا تُنسى.

في البداية، كتبتُ لأُفرغ ما في قلبي.
ثم كتبتُ لأُوصل صوت غيري.
ثم اكتشفت أن للكلمة سلطة…
وأن الصحافة ليست مهنة فقط، بل موقف ورسالة.

مع أنني لست صحفيًا، ولا أُصنَّف كذلك، بل أعتبر نفسي – حتى كتابة هذا المقال – هاويًا،
وأشعر أنكم لا تزالون تجاملونني.

ما بين مجلة أطفال كتبتها بيدي،
وبين مقالات تُناقَش بين الناس،
طريقٌ طويل من الحلم، والصدق، والإصرار.

كنت أحلم أن يكون لي جريدة، أو مجلة، أو قناة تلفزيونية، أو حتى إذاعة.
كتبت المقالات منذ سنوات، ولا زلت أكتب.
وقدّمت برامج تلفزيونية وإذاعية.
تحقّق جزء كبير من حلمي، ولكنني، بحمد الله، لم أتعب بعد… ولا زلت أحلم وأحلم.

ولعلّ أجمل ما في القصة…
أنها لا تزال تُكتب، عن أحلامٍ تحقّقت، وأحلام مؤجّلة… حتى إشعار آخر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى