الشرق الأوسط

جنود الاحتلال يقرّون بانهيار نفسي في غزة ويشككون بجدوى الحرب

هلا نيوز –

كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، في تقرير ميداني أعده الصحفي يانيف كوبوفيتش، عن حجم الإنهاك النفسي والتشكيك في جدوى العمليات العسكرية بين صفوف جنود جيش الاحتلال في قطاع غزة، خلال جولة نظّمها الجيش لعدد من الصحفيين الإسرائيليين في مدينة بيت حانون شمال القطاع.

وفي مشهد وصفته الصحيفة بـ”القاتم”، نقلت شهادات لجنود وضباط احتياط يعانون من تعب نفسي شديد، حالة إنهاك جماعي، وفقدان الثقة في فاعلية ما يقومون به. أحد الجنود صرخ:

“لا تنسوا أن تكتبوا عنا، نحن نعيش في جحيم، لا نحتاج إلى نوم بل إلى الخروج من هنا… لن أعود إلى غزة مجددًا”.

وقالت الصحيفة إن جولة الصحفيين كشفت أن بيت حانون تحوّلت إلى مدينة مدمّرة بالكامل وخالية من سكانها، وإن أصوات الشكوى واليأس من الجنود كانت أعلى من تصريحات القيادات العسكرية.
أحد الجنود، وهو مهندس برمجيات في حياته المدنية، وصف رفاقه بـ”المرتزقة”، وقال:

“معظم الموجودين هنا من مستوطنات الضفة، لا وظائف لديهم ويبحثون عن رواتب مؤقتة”.

جندي آخر اقترب من الصحفيين وقال:

“قولوا للعالم إننا مستنزفون، لا توجد قوات كافية ولا طاقة للاستمرار… الوضع قابل للانفجار”.

تشكيك برواية الجيش
ورغم إعلان قائد لواء “غفعاتي”، العقيد نتانئيل شماكا، أن قواته قتلت 201 فلسطيني خلال عملية “عربات جدعون” التي استمرت 73 يومًا، إلا أن العديد من الجنود شككوا في هذه الرواية.
قال أحدهم:

“لم نرَ مسلحًا يقترب منا منذ أسابيع… معظم الضربات من الطائرات المسيّرة، ولا نتحقق من هوية القتلى لاحقًا”.
وأضاف:
“يُقال إن ما تبقى في بيت حانون فقط من 10 إلى 18 مقاتلًا تحت الأرض، لكننا هنا بقوتين ضخمتين ندمّر البيوت بلا توقف”.

ووفقًا للصحيفة، دمّر لواء غفعاتي وحده أكثر من 650 مبنى شمال القطاع، فيما قال جنود إنهم باتوا يركّزون على حماية معدات الهدم أكثر من محاربة أي وجود فعلي للمقاومة.

استعراض ناري في مشهد مُصطنع
وفي حادثة مثيرة للجدل، ذكرت هآرتس أن ضباطًا أعطوا تعليمات بإطلاق نار محدود خلال شرح ميداني للصحفيين، وذلك لإضفاء “خلفية صوتية حربية” أثناء تصوير مقاطع فيديو. وعندما سُئل الجنود إن كان ذلك استعراضًا مسرحيًا، لم يستطيعوا إخفاء ابتساماتهم الساخرة.

وشوم الذاكرة
وأشارت الصحيفة إلى أن العديد من الجنود باتوا يخلّدون الصدمات النفسية والخسائر الشخصية عبر وشوم على أجسادهم. أحد السائقين كان يحمل وشمًا باسم صديقه الذي قُتل بنيران صديقة في غزة، وآخر وضع اسم موقعة قاتلة شارك فيها. واعتبرت هآرتس أن الوشوم باتت رمزًا لذكريات لا تُمحى، وندوب نفسية لا تندمل.

مسؤوليات تتجاوز الجبهة
وقال جندي يشغل منصب مدير جمعية خيرية:

“خدمت أكثر من 450 يومًا. لم نعد نطلب من موظفينا الانضمام إلى جولات جديدة… نحن نخسرهم، ولدينا مسؤوليات تجاه عائلات تعيش تحت خطر الفقر في الداخل”.

غزة… حرب ضد الروح
وفي ختام التقرير، أكدت هآرتس أن غزة، وخصوصًا بيت حانون، تحوّلت إلى رمز لحرب تستنزف معنويات الجنود الإسرائيليين أكثر مما تُحقق مكاسب ميدانية.
رسالة الجنود للصحيفة كانت واضحة:

“نحن ننهار… أخبروا الناس أننا بحاجة للإنقاذ، لا من العدو، بل من هذه الحرب نفسها” .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى