مقالات و آراء

معك يا غزة هاشم… ومعك يا فلسطين … ومعك يا الأقصى

مجحم حديثه الخريشا
حين سمعت نداء المجاهد (أبو عبيدة(، وهو يناشد أمته العربية والاسلامية، قادة وشعوباً ومفكرين ورجال دين ، ولكن ما من مجيب !، يمتشق سيفه حميّة مغيثاً منجداً لمئات الألاف من الشهداء والجرحى وملايين المهجرين والمجوعين ، صوت أبو عبيدة الذي ملأ الآفاق ، أحسب أن لسان حاله يقول : “عسى لأمة المجد التليد والفتوحات أن تستيقظ ” ، وفي وقت عصيب ترى فيه أمتنا ومعها العالم للأسف حال الشعب الفلسطيني ومصابه الأليم، وهو يُقتل قصفاً وحصاراً وتجويعاً وتشريداً في أبشع ابادة يسجلها التاريخ على الإطلاق قديمه وحديثه.
وعندما سمعت ذلك النداء المهيب، عادت بي الذاكرة لماضي عظيم نفتقد اليوم للأسف ما فيه من مضامين ايجابية وموروث اخلاقي طيب، حيث استذكرت قصة قديمة فيها الكثير من الدروس والعبر، وهي قصة الشيخ محمد الخريشا وهو الجد السادس لعشيرة الخريشا في الموقر وشمال الأردن، وقد كان وعشيرته يتواجدون حينذاك في غزة (ويا لهذه الصدفة) ، وكان أخواله عشيرة السرحان يعيشون في وادي السرحان وهو وادي يُسمى باسمهم، ويسكنون في تلك المنطقة وهي اليوم جغرافياً في المنطقة الشمالية الغربية من نجد ) أي في المملكة العربية السعودية الآن ) .
فقد هاجمهم الشيخ الطياّر ويطلق عليه لقب أبو عنزه أي كبير قبيلته عنزه ، وهي أشهر وأكبر وأقوى قبيلة في ذلك الوقت معتداً بقوته وجبروته وبدأو بمهاجمة السرحان، فما كان من عشيرة السرحان الا ان ارسلو ما يُسمى ( المقلدة ) الى محمد الخريشا في غزة، طلباً للنجدة فما كان من الخريشا الا ان تحرك فوراً استجابة للإستغاثة حتى جاء التفصيل في القصيدة الشعرية المُرفقة، وهي طويلة لكن الأهم فيها اضعه أمام القاريء ، جاءت فزعتهم في وقت لم يكن لديهم طائرات أو دبابات او مدفعية، لكنهم أصحاب نخوة ومرؤة وشجاعة وحس انساني )، إنها نخوة المعتصم ( دفعوا الظلم عن المظلومين المحاصرين وقتلوا كثيراً من المعتدين، وخلصوهم من شر ذلك الظلم وعادوا بعد ذلك الى غزة )، وبالمناسبة أحفاد الخرشان هم الآن في قرية “ذنابة” في ظاهر طولكرم الشرقي مع انحراف قليل الى الشمال ، ( وبحسب موقع فلسطين في الذاكرة)، اشتهر من علمائها محمد بن أبي احمد المقدسي الشهير بالخريشي نسبة الى قرية من قرى نابلس أيضاً، ثم ابنه اسحاق بن محمد الشهير بالخريشي ، وهو جد آل الخريشي في ذنابة ، ومنهم سليمان الخريشا الذي يقال أنه كان له دور مهم في قتال”نابليون” ، ومن الخريشا الكثير من الشهداء والجرحى على ثرى فلسطين ومدنها، دافعوا بكل شجاعة عن الارض والمقدسات ضد الاحتلال الصهيوني الاسرائيلي .
ومن ابرز رجالاتهم نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني د. حسن الخريشا والذي لا يزال مجاهداً ومناضلاً في سبيل فلسطين ، وبالمحصلة فإن فلسطين وغزة ستنتصر، والظلم سيزول ما دام هنالك شرفاء ومجاهدون يؤمنون بالحق ، وكلنا يقين بأن الباطل سيزول لا محالة عاشت فلسطين حرة عربية وعاشت الأمة العربية.
ومن الشعر الذي قيل في الشيخ محمد الخريشا وعشيرته الذين كانوا حينها في غزة فجاؤه السرحان طلباً للنجدة ، فهب لنجدة خواله السرحان :
قــال الخزامي والـذي بـــات سـاهــرٍ …. بـعـيـنـه مــثــل حـب الــرشــادي يــدار
جــانــا مـسـتـفـزع يــــا أولاد بــاســل … سراحـينـكـم حـشــروا بــســاس جــــدار
وسـمـيـنـا بـالـرحـمـن وقــدنـــا ســلايـــل …. يـطـيـرن مـــع روس الـحــزوم شـــرار
سلايل تـتــلــي الـخـريـشــا مـحــمــد …. تسير وتاي سيرهن قطار
صباح ثـمـان يالخرشا مع اربع ….. إضحي وحنّا بزبار شغار
وإنا بالطيار وقومهم وادعينهم …. بين خوعا والمرير حضار
ذبحنا عند الشيخين تسعين لحيه ….. وتــكــحــلـت خــفــارتــهـم بـــغـــبــــار
ياما إطلقت ايمانا من حليله …. خلّلى حليله بالمرير حضار
___________________________________
ملاحظة معاني بعض المصطلحات الواردة في المقال :
المقلدة : ناقة يوضع في رقبتها شيء اسود اشارة لطلب النجدة
الخزامى : هو القهوجي لدى الشيخ محمد الخريشا
حب الرشاد : بمعنى أنه يعاني من التعب والسهر لتجهيز القهوة
أولاد باسل : الخرشان
روس الحزوم: أي أنهم يمرون من أرض وحجر الصوان يخرج منه نار بسبب سرعة الحركة
سيرهن قطار : أي يسيرون بحركة عسكرية سريعة ومنضبطة وبتتابع
زبار شغار : أماكن في وادي السرحان
خوعا والمرير : أيضا من مناطق وادي السرحان
ذبحنا تسعين : أي قتلنا منهم تسعون شخصاً
حليلة : الزوجات المأسورات من قبل الأعداء وحررهن.

كاتب المقال :
وزير ونائب سابق .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى