كيف نشأت السلطة الفلسطينية؟.. محطات “اتفاق أوسلو” وما تلاها

هلا نيوز أونلاين
بعد عقود من الصراع، شهد العالم في 13 سبتمبر/أيلول 1993 توقيع اتفاق أوسلو للسلام بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، في حديقة البيت الأبيض، والذي مثّل منعطفًا حاسمًا في المسار السياسي الفلسطيني، رغم الجدل الذي ما زال يرافقه حتى اليوم.
الاتفاق الذي لم يُجمع عليه الفلسطينيون، نصّ على إقامة “سلطة حكومة ذاتية انتقالية فلسطينية”، ومجلس منتخب للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، لفترة انتقالية مدتها خمس سنوات، تمهيدًا لتسوية دائمة تستند إلى قراري مجلس الأمن 242 و338.
وكان القرار 242 قد دعا إسرائيل للانسحاب من الأراضي التي احتلتها في حرب 1967، مؤكدًا على عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالحرب، فيما أشار القرار 338 بعد حرب 1973 إلى ضرورة وقف إطلاق النار وتطبيق القرار السابق، مع إطلاق مفاوضات سلام شاملة.
وأدى الاتفاق، المعروف أيضًا بـ”أوسلو 1”، إلى تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية، بقرار من المجلس المركزي لمنظمة التحرير، بعد نحو شهر من توقيعه، وتبع ذلك توقيع اتفاق “غزة – أريحا أولًا” عام 1994، والذي سمح بدخول قيادة المنظمة إلى الأراضي الفلسطينية.
ومنذ ذلك الحين، بقيت السلطة تدير شؤون الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، حتى سيطرت حركة حماس على قطاع غزة عام 2007، ما أخرج القطاع من تحت سلطة الحكومة الفلسطينية في رام الله.
ترأس السلطة الفلسطينية بدايةً الزعيم ياسر عرفات، باعتباره رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة، وعاد إلى غزة في 1994 بعد غياب دام 27 عامًا. وفي أول انتخابات رئاسية عام 1996، فاز عرفات، الذي بقي في منصبه حتى وفاته عام 2004، ليخلفه مؤقتًا روحي فتوح، ثم محمود عباس في انتخابات 2005.
أما من حيث السيطرة على الأرض، فقد قسّمت اتفاقية طابا (أوسلو 2) الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق: (أ) تخضع بالكامل للسلطة، وتشكل 17.6% من المساحة، (ب) تخضع لإدارة فلسطينية وأمن مشترك، وتشكل 18.3%، و(ج) تحت سيطرة إسرائيلية كاملة، بنسبة 59.63%.
رغم الاتفاقات، لا تزال مناطق (ج) تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي، ولم تُنقل إلى السلطة، بينما تبقى القدس الشرقية خارج تقسيم المناطق، كونها من ملفات الوضع النهائي المؤجلة.
وقد وصف المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية سيطرة السلطة على مناطق (أ) بأنها “شكلية”، إذ تُحاصرها مناطق إسرائيلية، ما يجعلها بمثابة “جزر معزولة” داخل الضفة الغربية.
ورغم أن اتفاق أوسلو منح السلطة صلاحيات في التعليم، الصحة، الشؤون الاجتماعية، الضرائب، والشرطة، إلا أن إسرائيل قلّصت تدريجيًا هذه الصلاحيات، واحتفظت بسيطرة واسعة على الأرض والمعابر والموارد.
وتتولى إسرائيل أيضًا جمع الضرائب وتحويلها للسلطة، لكنها كثيرًا ما تحتجزها لأسباب سياسية، منها استمرار دفع رواتب الأسرى، ما يهدد استقرار موازنة السلطة، التي تعاني من عجز يُقدر بـ1.37 مليار دولار عام 2024.
وتبقى العلاقة بين منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية محورية، إذ تعتبر المنظمة المرجعية السياسية العليا، وممثل الشعب الفلسطيني أمام العالم، بينما تُعنى السلطة بإدارة شؤون الحياة اليومية في الضفة وغزة.
وبينما بلغ عدد الفلسطينيين في العالم حتى نهاية 2024 نحو 14.9 مليون، يعيش منهم 7.6 مليون خارج الأراضي الفلسطينية، يظل ملف اللاجئين تحت مسؤولية منظمة التحرير، لا السلطة، وفقًا لنظامها الأساسي.
ومنذ عام 2012، حصلت فلسطين على عضوية مراقب في الأمم المتحدة، لكنها لا تزال تنتظر عضوية كاملة مرهونة بتصويت مجلس الأمن