مقالات و آراء

الإعلامي لا يهرم… لأنه صوت وطن ونبض ضمير

هلا نيوز – الدكتور نسيم أبو خضير

الإعلام ليس وظيفة تنتهي بساعة دوام ، ولا مهمة روتينية تُقاس بعدد سنوات الخدمة ، بل هو رسالة سامية لا يفقهها إلا من تمرّس في ميادين الكلمة ، ووقف خلف الميكروفون أو أمام الكاميرا ، وصاغ الحقيقة من بين الركام والضجيج .
الإعلامي الحقيقي لا يُقاس بعمره ، بل بعطائه ، وثراء تجربته ، وصدق رسالته ، ومتانة حرفه .
في زمن تتطور فيه الأدوات وتتبدل فيه الوسائل ، يبقى الإعلامي المهني والتقني ، هو حجر الزاوية في منظومة الوعي الوطني . فبناء إعلامي متمكن ، لا يتم عبر دورات تدريبية عابرة أو شهادات أكاديمية فقط ، بل هو حصيلة تجارب ميدانية ، ومواجهات مع التحديات ، ومواقف تتطلب الحكمة والشجاعة والإنحياز للحق .
إن معاملة الإعلامي كأي موظف عادي ، تُحدد قيمته وسنوات عطائه بناءً على سن تقاعدي صارم ، أو رقم وظيفي جامد ، هي خيانة للرسالة ، وسوء فهم لمقام هذه المهنة النبيلة . الإعلامي ليس ملك الوظيفة ، بل هو ملك الدولة ، لأنه لسانها ، وصورتها ، وجسرها نحو الوعي الجمعي .
في الدول المتقدمة ، ترى إعلاميين تجاوزوا الثمانين ، وما زالوا يطلّون على الجماهير بكل وهجهم ، لأن الإعلام لا يتقاعد من الفكر ولا يشيخ في الموهبة ، ولا يهرم في الحسّ الوطني . الإعلامي قد يضعف جسدًا ، لكنه يقوى عقلًا ووعيًا وتحليلًا ونضجًا مع مرور الزمن .
ومن الظلم أن يُحال الإعلامي إلى التقاعد أو يُركن جانبًا فقط لأنه بلغ سنًا معينة ، بينما لا يزال صوته صادحًا، ورؤيته ثاقبة، وخبرته زادًا للأجيال الجديدة . إن حرمان المؤسسة الإعلامية من هذا العطاء هو جريمة مهنية بحق الإعلام نفسه ، وضياع لرصيد لا يُقدّر بثمن .
في النهاية ، الإعلامي لا يهرم… إلا إذا مات صوتُه ، وخمد شغفه ، وذبلت قناعاته ، وهذا لا يحدث إلا نادرًا لمن حملوا الرسالة بصدق وإخلاص .
فلنحترم إعلاميينا ، ونحسن توظيف خبراتهم ، ونمنحهم المكانة التي تليق بدورهم في بناء الأوطان وتنوير العقول .
وفي الختام ، لا يسعنا إلا أن نوجّه أصدق التحايا وأعمق مشاعر الإمتنان إلى جمهورنا الكريم من مشاهدين ومستمعين ، أولئك الذين رافقونا في مسيرة امتدت لسنوات ، كانت فيها المحبة عنوانًا ، والتقدير جسرًا ، والمتابعة الصادقة خير شاهد على علاقة لا تشبه سواها .
عشنا معكم تفاصيل الأيام الحلوة ، جملنا رسالة الدولة الأردنية بكل أمانة وإخلاص ، رسالة العدل والرحمة والتكافل رسالة الإعتدال والوسطية والحوار الهادف ، حملنا همومكم ، وشاركنا أفراحكم ، فكنتم لنا السند والدافع ، وصرنا جزءًا من بيوتكم، وأفرادًا من عائلاتكم ، نطرق أبوابكم لا لنُزعج ، بل لنُضيء ، لا لنُظهر أنفسنا ، بل لنُعبّر عنكم .
لكم الحب الذي لا يذبل ، والوفاء الذي لا ينضب ، فأنتم الروح التي منحت رسالتنا الحياة ، وأنتم البرهان الصادق أن الإعلام الحقيقي لا يشيخ… بل يتجدد بكم ومن أجلكم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى