هل تحتاج النساء فعلًا إلى نوم أطول من الرجال؟ العلم يوضح الفروقات والتعقيدات

هلا نيوز اونلاين – رغم انتشار مقاطع الفيديو والمنشورات على منصات مثل “تيك توك” و”إنستغرام” التي تزعم أن النساء يحتجن إلى ساعة أو ساعتين إضافيتين من النوم مقارنة بالرجال، إلا أن الدراسات العلمية الحديثة تكشف أن مسألة النوم بين الجنسين أكثر تعقيدًا مما يُظن.
وتخضع المسألة لتأثير تفاعلات بيولوجية ونفسية واجتماعية معقدة، فضلًا عن اختلاف طرق قياس النوم التي تلعب دورًا رئيسيًا في فهم هذه الفروقات. وتشير الأبحاث إلى وجود طريقتين رئيسيتين لدراسة النوم؛ أولاها تعتمد على الاستبيانات الذاتية التي يُطلب فيها من الأشخاص تقدير عدد ساعات نومهم، وهي طريقة تفتقر إلى الدقة لأن الغالبية لا يحسبون نومهم بشكل صحيح. أما الطريقة الثانية فهي علمية أكثر، وتعتمد على أجهزة تتبع النوم أو فحوصات تخطيط النوم داخل المختبرات.
وبالنظر إلى البيانات المستمدة من هذه الطرق الدقيقة، تبين أن النساء ينمن بالفعل أكثر من الرجال، ولكن بفارق متوسط لا يتجاوز 20 دقيقة فقط. وتؤكد ذلك دراسة عالمية شملت نحو 70 ألف شخص يستخدمون أجهزة تتبع النوم، أظهرت وجود فرق طفيف لكنه مستقر بين الجنسين عبر مختلف الأعمار. وفي دراسة أخرى تعتمد على تخطيط النوم، تبين أن النساء يقضين وقتًا أطول في مرحلة النوم العميق مقارنة بالرجال، بينما تتراجع جودة النوم عند الرجال مع تقدمهم في العمر دون أن ينطبق ذلك على النساء بنفس الوضوح.
غير أن هذه النتائج لا تعني أن كل امرأة تحتاج إلى 20 دقيقة إضافية من النوم يوميًا، إذ تختلف احتياجات النوم بين الأفراد، مثلما تختلف الأطوال والأوزان. والمثير للاهتمام هو أن النساء، رغم استغراقهن في النوم لفترات أطول ومرورهن بمراحل نوم أعمق، يعانين في المقابل من مشكلات جودة النوم أكثر من الرجال، حيث ترتفع احتمالية إصابتهن بالأرق بنسبة تصل إلى 40%.
وتتجلى الفروقات البيولوجية بصورة أوضح خلال مراحل عمرية مختلفة؛ إذ تبدأ اضطرابات النوم بالظهور بصورة متفاوتة بين الجنسين مع البلوغ، وتزداد خلال فترات الحمل وما بعد الولادة، وتبلغ ذروتها قبل انقطاع الطمث، بسبب التغيرات في مستويات الهرمونات الأنثوية مثل الإستروجين والبروجسترون. كما تلعب اضطرابات صحية كالغدة الدرقية ونقص الحديد دورًا في التأثير على جودة النوم.
من الناحية النفسية، فإن النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق، وهما من أبرز أسباب الأرق المزمن. وتساهم طبيعة التفكير الاجتراري، التي تنتشر أكثر بين النساء، في زيادة صعوبة الاستغراق في النوم. أما من الجانب الاجتماعي، فتتحمل النساء العبء الأكبر في مسؤوليات الرعاية والأعمال المنزلية، مما يقلل من فرص حصولهن على الراحة، ويزيد من الضغوط المرتبطة بالنوم ذاته.
ولا تعود شكاوى النساء المتعلقة بالإرهاق دائمًا إلى قلة ساعات النوم فقط، إذ قد ترتبط بضغوط نفسية أو مشكلات صحية خفية، أو حتى بتأثير توقعات المجتمع التي تدفعهن لتأدية أدوار متعددة. ومع أن الدراسات تشير إلى احتياج النساء إلى نوم أطول قليلًا، فإن الأهم هو التركيز على جودة النوم، مع ضرورة تقديم الدعم الاجتماعي، وتحسين الصحة الجسدية والنفسية، وإعادة توزيع الأعباء بصورة منصفة