بيان بمناسبة اليوم العالمي للعدالة الدولية: لا عدالة دون مساءلة عن جرائم الاحتلال

العدالة الدولية: ركيزة السلام والأمن العالمي
يصادف يوم غدٍ، السابع عشر من يوليو، “اليوم العالمي للعدالة الدولية”، وهي مناسبة نجدد فيها التزامنا الراسخ بمبادئ العدالة والمساءلة وسيادة القانون على الصعيد العالمي. في هذا اليوم، نتذكر أهمية المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من آليات العدالة الدولية في ضمان عدم إفلات مرتكبي الجرائم الأكثر خطورة التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره من العقاب.
إن العدالة ليست مجرد مفهوم نظري، بل هي ركيزة أساسية لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في العالم. إنها حق لكل ضحية، وواجب على كل مجتمع ومؤسسة دولية. لا يمكن أن يتحقق سلام دائم أو مصالحة حقيقية دون تحقيق العدالة للضحايا ومساءلة الجناة.
بينما نحتفي بهذا اليوم، لا يسعنا إلا أن نذكّر المجتمع الدولي بأن مبادئ العدالة لا يمكن أن تكون انتقائية أو خاضعة لازدواجية المعايير. إن ما تشهده غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة من فظائع مروعة، يمثل انتهاكاً صارخاً لأبسط قواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
إننا، في مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان، نؤكد على ضرورة الملحة والقصوى لملاحقة قادة الاحتلال الإسرائيلي على جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة وفي جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة. إن الأدلة الدامغة على هذه الجرائم تتراكم يوماً بعد يوم، وتوثقها تقارير المنظمات الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان المستقلة.
لقد شهد العالم حملة عسكرية وحشية أدت إلى قتل عشرات الآلاف من المدنيين، وتدمير البنى التحتية، وتهجير جماعي، واستخدام التجويع كسلاح حرب، واستهداف ممنهج للمستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء. هذه الأفعال، وغيرها الكثير، تشكل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، وتستدعي تحركاً فورياً وحازماً من قبل جميع آليات العدالة الدولية.
وفي هذا السياق، نُشيد بالخطوات التاريخية التي اتخذتها الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية، والتي أصدرت بتاريخ 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، بتركيبتها المعنية بالحالة في دولة فلسطين، وبالإجماع، قراريْن يقضيان برفض الطعنيْـن المقدميْـن من دولة إسرائيل بموجب المادتين 18 و19 من نظام روما الأساسي. كما أصدرت الدائرة أمريْن بالقبض على السيد بنيامين نتنياهو والسيد يوآف غالانت. هذا القرار يؤكد على ولاية المحكمة ويعزز مبدأ عدم الإفلات من العقاب، ويُعد خطوة حاسمة نحو تحقيق العدالة للضحايا.
وبناءً على هذه الخطوة الهامة، فإننا ندعو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى مواصلة وتيرة التحقيقات الجارية في الوضع في فلسطين، بما يشمل تحديد جميع المسؤولين عن الجرائم المرتكبة، وإصدار أوامر قبض إضافية إذا لزم الأمر، وضمان تقديم جميع الجناة للعدالة دون تأخير أو تردد. كما ندعو جميع الدول الأطراف في نظام روما الأساسي إلى التعاون الكامل مع المحكمة لضمان تنفيذ ولايتها وتوقيف الأفراد الصادرة بحقهم أوامر قبض.
إن صمت المجتمع الدولي أو تردده في مواجهة هذه الجرائم يرسل رسالة خطيرة مفادها أن بعض الجناة يمكنهم الإفلات من العقاب، مما يقوض مصداقية العدالة الدولية برمتها.
في هذا اليوم العالمي للعدالة الدولية، نجدد تضامننا الكامل مع الشعب الفلسطيني، وندعو إلى وقف فوري وشامل للعدوان، ورفع الحصار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، والأهم من ذلك، تحقيق العدالة الكاملة والمساءلة الشاملة. لا يمكن أن يكون هناك سلام حقيقي ودائم دون عدالة.