منوعات

منتجاتنا لا تعيش طويلاً كما في السابق.. والسبب؟

هلا نيوز أونلاين

صمتت سماعتا الأذن إلى الأبد رغم أنه لم يمضِ على شرائهما سوى عام واحد، وباءت محاولات إصلاحهما بالفشل. أما الهاتف المحمول، فبات يحتاج إلى الشحن مرات عدة في اليوم. والثلاجة، التي لم تتجاوز عامها الثاني، توقفت عن العمل وتطلّب إصلاحها كلفة مرتفعة وانتظارًا مرهقًا لقطعة الغيار وسط موجة حر شديدة. قد يبدو ذلك سوء حظ، لكن المقارنة مع أجهزة قديمة لا تزال تعمل بكفاءة تدفع للتساؤل: هل يُصمم بعض المصنّعين منتجات بعمر افتراضي قصير عمدًا؟

ماكينة الخياطة التي اشترتها والدتي قبل أكثر من 40 عامًا لا تزال تعمل، والمروحة الصفراء القديمة لا تزال تُلطّف الجو في أيام الصيف اللاهبة، والثلاجة وموقد الغاز يؤديان وظيفتهما رغم قدمهما. أما في بيتي، فقد أصبح بلوغ الجهاز عامه العاشر استثناءً نادرًا.

يُعرف هذا النمط من التصنيع بمصطلح “التقادم المخطط له”، وهو ممارسة يتعمّد فيها المصنّعون تصميم منتجات لا تدوم طويلاً بهدف تحفيز المستهلكين على شراء الجديد باستمرار. في عشرينيات القرن الماضي، اجتمع مصنعو المصابيح الكهربائية فيما عُرف بـ”اتحاد فيباس” وقرروا تقصير عمر المصابيح إلى 1000 ساعة فقط. الفكرة تطورت لاحقًا لتصبح ممارسة شائعة تُساهم في تعزيز أرباح الشركات.

ترافق هذا التوجه مع ظهور “هندسة المستهلك”، وهي منظومة تسويقية تهدف إلى خلق رغبة متجددة لدى المستهلكين في امتلاك النسخ الأحدث، حتى إن لم تكن ضرورية. الإعلانات التي تروّج للمنتجات الجديدة، والنزعة الاستهلاكية التي تشجع على الاستبدال بدلاً من الإصلاح، كلها ساهمت في تقصير العلاقة بيننا وبين ما نمتلكه.

أحيانًا، يكون السبب تقنيًا أو اقتصاديًا، مثل اختيار خامات أقل متانة لتقليل الوزن أو الكلفة، أو استخدام برمجيات مغلقة تمنع الإصلاح إلا عبر الشركة المصنّعة. الأمر الذي جعل الإصلاح مكلفًا وصعبًا، إن لم يكن مستحيلًا في بعض الحالات.

لذلك، ظهرت حركة “الحق في الإصلاح” في الولايات المتحدة، والتي تدعو إلى تمكين المستهلك من إصلاح أجهزته بنفسه أو عبر فنيين مستقلين. الحركة حققت مكاسب قانونية في أوروبا وأمريكا، وتضغط لإلزام الشركات بتوفير قطع الغيار وكتيبات الإصلاح ورفع القيود البرمجية.

ورغم مقاومة الشركات لهذه المطالب، بحجة الحفاظ على سلامة المستهلك أو حماية حقوق الملكية، إلا أن الدراسات تشير إلى أن السماح بالإصلاح قد يكون أكثر أمانًا من منعه، خصوصًا إذا حاول المستهلك الإصلاح بنفسه من دون خبرة.

من الناحية البيئية، قصر عمر المنتجات يُنتج نفايات إلكترونية هائلة. بعض الشركات تتخلص من منتجات جديدة لم تُبع للحفاظ على “قيمتها التسويقية”، وهو ما يؤدي إلى استنزاف الموارد الطبيعية وتلويث البيئة. إعادة التدوير مفيدة، لكن الإصلاح يبقى الخيار الأفضل على المدى الطويل.

لا شك أن المنتجات لم تعد تُصمم لتدوم، ولكن ذلك ليس قدراً محتوماً. إذا طالب المستهلكون بحقهم في الإصلاح، وأعادوا التفكير في قرارات الشراء، وإذا التزمت الشركات بتصميم منتجات قابلة للصيانة وطويلة العمر، فإن ذلك سيكون خطوة مهمة نحو اقتصاد أكثر استدامة يحترم الإنسان والكوكب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى