قراءة نقدية لرواية “أصدقاء ديمة” تسلط الضوء على التحدي والإرادة في أدب الفتيان

هلا نيوز – في قراءة نقدية معمّقة لرواية “أصدقاء ديمة” للكاتبة الأردنية الدكتورة سناء الشعلان، قدّمت الأديبة السورية ميادة مهنّا سليمان رؤية تحليلية لرواية الفتيان الحائزة على جائزة كتارا للرواية العربية لعام 2018، حيث تسبر الرواية أغوار الإعاقة من منظور إنساني تربوي، وتطرح قضية تقبّل الاختلاف عبر شخصية بطلتها “ديمة” المصابة بمتلازمة داون.
رؤية فنية على الغلاف
استهلت سليمان قراءتها بتأمل الغلاف الفني للرواية، حيث يظهر شخص واقف يميل نحو آخر جالس في لقطة رمزية للمحبة والمساعدة. وقد تكوّنت ملامح الشخصيتين من عدد من الأشخاص بأحجام وألوان مختلفة، في دلالة رمزية على التنوع الإنساني والتعدد العرقي، مستحضرة بذلك الآية القرآنية: “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى…”، لتعكس خلفية فلسفية وإنسانية عميقة.
انطلاقة الرواية من صوت بطلتها
لا تبدأ الرواية بإهداء تقليدي، بل بصوت بطلتها “ديمة” التي تقول: “المعاقون الحقيقيون هم من فقدوا قدرتهم على حب الناس، والإنجاز، وفعل الخير…”، ما يعطي انطباعًا مبكرًا بطبيعة الرواية كرسالة تحفيزية.
بنية الرواية وأهدافها
تتكوّن الرواية من عشرة فصول، وتسبق كل فصل عبارة محفّزة تعكس مغزاه. وبحسب القراءة النقدية، فإن الرواية تهدف إلى بث الأمل ونشر السعادة في قلوب الأطفال من ذوي الإعاقة والأمراض، وتحفيزهم للمشاركة الفعّالة في المجتمع.
بطلتها… فتاة بقلب امرأة وقوة مقاتلة
قدّمت الرواية بطلتها “ديمة” بطريقة استثنائية؛ فهي طفلة في العاشرة، تُظهر شجاعة وثقة بالنفس ووعيًا يتجاوز عمرها، متحدّثة عن نفسها بوعي حاد تجاه نظرة المجتمع للمعاقين. تقول ديمة للقارئ: “أعرف أنّك بدأت تتساءل عن موهبتي…”، ما يدفع القارئ إلى التفاعل والمواصلة.
من الألم إلى الإنجاز.. دور العائلة مفتاح التغيير
سلّطت القراءة الضوء على شخصية والد “ديمة”، الذي كان مصدر القوة في حياتها، حيث أقنعها بأنها مميزة وأن مرضها ليس عائقًا، بل نعمة. وتظهر الرواية كيف أن الدعم الأسري الصادق يصنع فارقًا كبيرًا في حياة طفل يعاني من الإعاقة، إذ تقول ديمة: “أثق بكل ما يقوله أبي… وقد وجدت معه طريق السعادة والإنجاز”.
“ديمة الخارقة”.. موهبة فريدة ورسالة عميقة
تميّزت ديمة بموهبة خيالية تمثلت في قدرتها على سماع حديث الناس مع أنفسهم. هذه الموهبة التي منحتها قدرة استثنائية على قراءة نوايا الآخرين، تحوّلت أيضًا إلى سبب عزلتها، بعد أن أدركت كم السلبية التي يتحدث بها الآخرون عنها بسبب مرضها. وبهذا، قدمت الكاتبة الشخصية على هيئة بطلة خارقة، تسبر أعماق الواقع بتقنية أدبية رمزية.
الخذلان المجتمعي والرفض المدرسي
واحدة من أهم محطات الرواية كانت عرض معاناة ديمة بعد فقدان أمها وسفر والدها، حيث انعزلت في غرفة ببيت جدتها. وعلى الرغم من حب الجدة لها، فإنها كانت ترى فيها “مصيبة أصابت ابنها”، لتكون الرواية صريحة في طرح كيف يتعامل القريب قبل البعيد مع الطفل المختلف.
وركزت القراءة على التهميش الذي يعانيه الأطفال من ذوي الإعاقة، بدءًا من الأسرة، مرورًا بالأصدقاء، ووصولًا إلى رفض المدرسة الحكومية استقبال ديمة، بحجة عدم قدرتها على التأقلم، وسط غياب مؤسسات تعليمية مختصة في المدينة.
رسالة تربوية وإنسانية
خَلُصت القراءة النقدية إلى أن رواية “أصدقاء ديمة” لا تُعد مجرّد عمل أدبي موجه للفتيان، بل هي رسالة اجتماعية عميقة تسلط الضوء على ضرورة إعادة النظر في النظرة المجتمعية تجاه الإعاقة، وتبيّن أن الإبداع والقدرة على الحلم لا تحدهما الأجساد المختلفة، بل تُحبطهما الأحكام المسبقة والعزلة القسرية.