مدارس فرنسا تتحول إلى “أفران بشرية” وسط موجات الحر وغضب الأهالي والمعلمين

هلا نيوز – عجزب وزارة التعليم الفرنسية عن توفير بيئة آمنة للتلاميذ في ظل موجات الحر المتكررة، إذ تحولت المدارس إلى “أفران بشرية” تفتقر إلى أبسط وسائل التبريد، ما أثار موجة غضب عارمة بين الأهالي والمعلمين الذين باتوا يواجهون درجات حرارة تجاوزت 40 درجة مئوية بوسائل بدائية.
دعا خبراء في البيئة وممثلو أولياء الأمور إلى الاعتراف بما وصفوه بـ”الفشل البنيوي” للحكومة الفرنسية في حماية الأطفال من آثار التغير المناخي داخل المؤسسات التعليمية. وبينما تواصل الوزارة إصدار تعليمات توصف بـ”الساذجة”، مثل فتح النوافذ وتوفير الماء، تستمر درجات الحرارة في الارتفاع، وسط سخرية مريرة من هذه التوصيات.
في معظم المدارس الفرنسية، يتخبط المعلمون والأهالي في مواجهة الحرارة المرتفعة، معتمدين على مراوح يدوية، ورش الماء، وفتح النوافذ في محاولات يائسة لتلطيف الأجواء. وأمام إحدى المدارس الابتدائية في باريس، عبّرت أم عن غضبها قائلة: “أطفالنا في أمان إذًا، عندما يُطلب من المعلمين فتح النوافذ في حرارة تتجاوز 34 درجة!”
ورغم إعلان الإنذار الأحمر في 16 محافظة، لم تصدر الوزارة تعليمات فعالة تتعلق بالبنية التحتية أو نظام الطوارئ، في حين تواصل الامتحانات في المدارس الابتدائية والمرحلتين الإعدادية والثانوية، دون تأجيل أو تغيير في الجداول، بناءً على تعليمات رئيسة الوزراء إليزابيث بورن.
اتخذت بعض المدن الفرنسية قرارات فردية بإغلاق مدارسها، ليبلغ عدد المدارس المغلقة جزئيًا أو كليًا 1350 مدرسة حتى يوم الثلاثاء، من أصل نحو 45 ألفًا. ومع ذلك، تؤكد الحكومة على ضرورة إبقاء بدائل لاستقبال التلاميذ، رغم التحديات الهيكلية في المباني التعليمية القديمة.
ووصفت مجلة “لوبوان” الفرنسية ما يجري في المدارس بأنه “اعتماد على سِستم د”، أي الحلول الفردية المرتجلة، حيث كتب مدير مدرسة ابتدائية لأهالي التلاميذ يطلب منهم إعارة مراوح أو أي وسيلة لتبريد الفصول.
وفي ظل غياب خطة حكومية متكاملة، قام بعض المعلمين بشراء مراوح على نفقتهم الخاصة، فيما أوصت معلمة في باريس بأن يحضر الأطفال بخاخات مياه وقبعات لحمايتهم. ويؤكد رئيس نقابة المعلمين، جان ريمي جيرار، أن الظروف الحالية للامتحانات “غير عادلة إطلاقًا” وأن “الحرارة المرتفعة تعيق القدرة على التفكير”.
ويستند جيرار إلى توصيات المعهد الوطني للصحة والسلامة المهنية (INRS) الذي يعتبر أن العمل في درجات حرارة تتجاوز 30 مئوية داخل أماكن مغلقة يشكل خطرًا صحيًا، وهو ما ينطبق على التلاميذ حاليًا.
من جهته، شدد غريغوار إنسيل، المتحدث باسم الاتحاد الوطني لمجالس أولياء الأمور، أن الحل الحقيقي يكمن في “إعادة تصميم البنية التحتية للمدارس”، وليس في توزيع بخاخات المياه، مشيرًا إلى أن نصف المباني المدرسية البالغ عددها أكثر من 52 ألفًا، بحاجة إلى تحديث شامل بكلفة تقدر بنحو 50 مليار يورو.
ومع استمرار طرح فكرة تقليص العطلة الصيفية في إطار إصلاحات تربوية مستقبلية، فإن مسألة تحديث المدارس لتناسب الظروف المناخية ستكون في صلب النقاش خلال الفترة المقبلة.
ومع كل صيف جديد تتكرر المأساة، وتبقى المدارس الفرنسية عرضة للتحول إلى بيئة غير صالحة للدراسة، ما يضع وزارة التعليم أمام تحدٍ بنيوي حقيقي لإنقاذ أطفال فرنسا من أجواء لا تطاق