“لبوبو”… لعبة أم ظاهرة تربوية واجتماعية؟

هلا نيوز أونلاين
“ماما، أريد لا بوبو! الكل عنده لا بوبو، ليش أنا لأ؟!”
بهذه العبارة البريئة، أطلق طفل شرارة تساؤلات عميقة لدى والدته، تساؤلات تتجاوز حدود لعبة بسيطة ملونة لتلامس جذور التربية، وثقافة الاستهلاك، وتأثير السوشال ميديا على الجيل الجديد.
في ظاهرها، “لبوبو” مجرد دمية بألوان زاهية وابتسامة ماكرة، لكنها في جوهرها تجسيدٌ لواقع يتبدل بسرعة، حيث تتفوق الترندات على القيم، وتغدو الرغبة في المواكبة أهم من الحاجة أو الهدف. فهل نرضخ كأهل لهذا التيار الجارف لنشتري ألعابًا فقط لأنها منتشرة؟ أم نتخذ من هذه الظواهر فرصة تربوية نعلّم أبناءنا فيها الوعي والتمييز؟
دمية تحولت إلى رمز
لعبة “لبوبو” التي غزت الأسواق ووسائل التواصل، لا تثير الجدل بسبب تصميمها فحسب، بل لأنها أصبحت رمزًا لمفهوم أعمق: “الخوف من أن يفوّت الطفل شيئًا” (FOMO). وهو مفهوم نفسي يشير إلى قلق الإنسان من أن يكون خارج دائرة ما يحدث، وهو ما يفسّر إلحاح الأطفال – وحتى البالغين – على اقتناء ما يمتلكه الآخرون، حتى لو لم يكن ذا قيمة حقيقية.
اللعب… أكثر من متعة
تلعب الألعاب دورًا مهمًا في بناء شخصية الطفل وتطوير مهاراته وقيمه. ويؤكد علماء النفس، مثل باندورا، أن الأطفال يتعلمون عبر الملاحظة والتقليد، وليس فقط من خلال التجربة المباشرة. وهنا تكمن الخطورة، حين تتحول السوشال ميديا إلى المصدر الأول لنماذج التقليد، وتُسوّق ألعابًا لا تحمل أي بعد تعليمي أو إنساني.
الترند لا يعني الجودة
رغم الانتشار الكبير للعبة “لبوبو”، إلا أن كثيرًا من التربويين يرون أنها لا تحقق المعايير التربوية أو الجمالية. فبدلاً من أن تكون وسيلة للفرح، تبدو ملامح الدمية مخيفة وغير مريحة، ما يجعلها لا تخدم الجانب النفسي للطفل.
هل نمنع أطفالنا من اللعب؟
بالطبع لا. دور المربي ليس المنع، بل التوجيه الواعي. وهنا يأتي الفرق بين الاستجابة لرغبات الطفل لمجرد التساير، وبين تحويل كل موقف إلى فرصة تعليمية تساعده على التمييز، وعلى بناء قناعة ذاتية لا تعتمد على “ما يمتلكه الآخرون”.
الجانب الاقتصادي… لعبة ناجحة
بعيدًا عن الجانب التربوي، فإن الشركة المصنعة للدمية حققت أرباحًا طائلة، بفضل نجاحها في تسويق “لبوبو” كظاهرة لا بد من امتلاكها، وليس كلعبة عادية. وهو ما يطرح تساؤلاً مهمًا: هل نحن من نصنع قيمة الأشياء، أم نسمح للآخرين بأن يصنعوها لنا؟
خلاصة تربوية
إذا أردنا لأطفالنا أن يكبروا بوعي، يجب أن نُعدّهم لمواجهة ثقافة الاستهلاك والترندات الزائفة. علينا أن نعلمهم أن قيمتهم لا تقاس بما يملكون، بل بما يعرفونه ويشعرون به. وأن خلف كل لعبة، يجب أن يكون هناك قيمة، وهدف، ورسالة.