مقالات و آراء

أبناء النعمة!

 شادي عيسى الرزوق

الأبناء: هبة عظيمة ومسؤولية كبرى

الأسرة هي اتحاد الرجل بالمرأة، ذلك السر العلني المقدّس الذي يُعرف بالزواج، كما جاء في الكتاب المقدس:

“لِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا.” (تكوين 2:24)

وهو سر ذو قدسية عالية وهدف سامٍ كما قال تعالى:

“يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ.”

إذن، الهدف الكبير هو الاستمرارية في تكوين عائلات جديدة، ومن ثم يأتي الأبناء، لتمتد بهم مسيرة الحياة.

أبناؤنا وبناتنا أوراق بيضاء نخطّها بأيدينا، نرسم لهم الحياة الأجمل والأمثل، فهم الثمرة المباركة لذلك الزواج المقدس. نمنحهم ما نريده نحن لأنفسنا قبلهم، بينما يروننا، لا سيما في سنواتهم الأولى، أبطال قصصهم الذين يشبعون احتياجاتهم الأساسية والثانوية. وغالبًا ما ننسى أنفسنا في خضم ذلك.

نريد لهم كل شيء حسن: تعليمًا، أدبًا، لعبًا… ومع هذا، يريدون المزيد. وكلما كبروا، زادت احتياجاتهم ومصروفاتهم. فهم أبناء نعمة، هدية وبركة من الله، لم يتكلف الآباء والأمهات مالًا في قدومها، لكن تأتي بعد ذلك المسؤولية الكبرى لضمان حياة ذات جودة لهم ومعهم.

أولادنا يشبهوننا كثيرًا في الشكل، لكنهم ليسوا نحن. فاحذروا أن تجعلوهم مشاريع لتحقيق أحلامنا المؤجلة. جملة «أنا كنت الأول في الصف وكل شيء» كثيرًا ما تكون مبالغة، فلا نعلّقها على رقاب أبنائنا شعارًا، ولا نطالبهم بمنافسة خيالية معنا.

هم أبناء نعمة، منحك الله إياها. ونحن أبطال قصصهم لزمن معين، ولسنا أبطالًا للأبد. ابن النعمة له عقل وتفكير مستقل. اليوم قد يقول لك إنه يريد أن يصير لاعب كرة قدم مثل رونالدو وميسي، ويملك إجابات مقنعة تدافع عن حلمه. وغدًا يريد أن يكون ممثلًا عالميًا في هوليوود. فلا تنهره قائلًا: «أريدك طبيبًا!». دعه يتحدث، ناقشه، وابنِ فيه الشخص المسؤول القادر على الحوار والتفاوض لاحقًا، حتى لو لم يعجبك الأمر.

أيها الآباء والأمهات، لا تقارنوا أبناءكم بالآخرين، فهذا يجعلهم في نظر أنفسهم أقل بكثير. التشجيع والدعم هما ما يغرس الطموح والمثابرة الحقيقية.

خيال الأبناء بلا حدود، وأسئلتهم المنفرة أحيانًا تحتاج لإجابات تناسب أعمارهم. فأنت بطل قصته الآن، فلا تترك الفرصة لآخرين يصيرون هم أبطال أحلامه بوعود غير حقيقية.

أبناؤنا نعمة فلنقبلها كما هي، ونسعى للأفضل لهم، فهم يعرفون في السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا أكثر مما نتوقع. تعلم منهم، فليس في ذلك عيب. إنهم أبناء نعمة كبيرة، وسيصلون في قادم الأيام إلى ما يسعد قلوبنا.

فلا خوف على وطن يعرف أبناؤه أسسه ومبادئه، ويميزون العدو من الصديق. هؤلاء القادرون أن يبلغوا عنان السماء بأحلام قد تتحقق يومًا ما، وأنت شاهد عليها .

*ماجستير إدارة الأعمال والتسويق الدولي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى