منوعات

إِنَّهُمْ يُطَارِدُونَ مُشَاهِدِي «الجَزِيرَةِ».. لَقَدْ أَتْعَبْتُمُ المُسْتَبِدِّينَ العَرَبَ!

منوعات – هلا نيوز اونلاين

سليم عزوز

وكأنه أصيب بالصرع.. فقد انتقل الملأ من مرحلة إغلاق مكتب قناة «الجزيرة» في الأراضي المحتلة، إلى تجريم مشاهدة القناة، حيث طلب وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير من المواطنين إبلاغ الشرطة ضد أي شخص يتابع القناة!
مع الإجراء الأول رحبنا بانضمام إسرائيل إلى نادي المستبدين العرب، والمؤشر الدال على ذلك هو إقدام المستبد من هؤلاء على إغلاق مكتب قناة الجزيرة كشرط من شروط العضوية، وهي حالة من الغلو غير المدروس، فأضعف حلقة في أداء أي قناة هي مكاتبها في عواصم الاستبداد، عندما يبدأ التنسيق والأداء تحت السقوف المنخفضة للحفاظ على بقاء المكتب، إن لم يكن كطلب من الإدارة، فللمصالح المرسلة للعاملين في المكتب!
وقد انضمت إسرائيل لهذا النادي، وصار من اللازم الترحيب بعضويتها العاملة، بعد أن ظلت لسنوات طويلة تقدم نفسها على أنها واحة الديمقراطية وسط غابة من الاستبداد، أما الأخ الأستاذ محمود عباس (أبو مازن) فقد فعلها لا ليثبت أنه مستبد فهذا مفروغ منه، ولكن للتأكيد على أنه رئيس دولة مكتملة الأركان، والدليل أنه فعل كما فعلوا، لكنه تاب من قريب، فقد قرأت إنه تراجع عن قراره!
الملأ في الأرض المحتلة زايدوا على الأعضاء المؤسسين للنادي بأن امتد تجريمهم إلى من يشاهدون قناة الجزيرة، فصرخ إيتمار بن غفير – والصراخ على قدر الألم – وهو يحث الجماهير على إبلاغ الشرطة ضد من يتابعون القناة، فماذا فعلت لهم الجزيرة؟!
ووددت لو أن المذكور قدم ملفاً يثبت على القناة عدم مهنيتها، أو أنها أذاعت أخباراً كاذبة لا تستند لمصادر حقيقية، وأن كل أخبارها مضللة مثلاً، إلا أنه لم يفعل، والقناة تذيع أخبار الحرب منسوبة لمصادرها، ومن بينها مصادر إسرائيلية، ففي أي شيء كذبت؟ بل إن محلليها ليسوا مندفعين بعاطفتهم كما في التعليق على حرب غزة، إنهم متحفظون، ويسيرون على قشر بيض، ومن لسعته الشوربة ينفخ في الزبادي!
إن الحقيقة المؤلمة التي دفعت بفرض رقابة على وسائل الإعلام منذ البداية، والتحذير من تصوير وقع الصواريخ، وذلك للتغطية على حجم الخسائر نتاج القصف الإيراني، ومن المؤكد أنه عندما ينقشع الغبار، سيتبين أن الخسائر أكبر بكثير من المعلن!
لقد أتعبتم المستبدين العرب يا إيتمار!

الأولى المصرية على خط «العاجل»

لو كان «العاجل» رجلاً لقتلته، فقد جرى ابتذاله على نحو فاضح، وأصبح في كثير من الأحيان بلا معنى!
القناة الأولى المصرية دخلت على خط «العاجل»، فكان عاجلها مزيكا، فقد نشرت خبراً مسبوقا بالقول عاجل، وكان هذا الخبر عن نفي أن يكون الرئيس المصري السابق عدلي منصور قد أدلى بتصريحات حول الحرب الإيرانية – الإسرائيلية!
الذي حدث أن هناك من أرهق نفسه وافتعل تصريحات تلفزيونية للرئيس المؤقت السابق عدلي منصور، لأسباب غير معلومة، لا سيما وأن الرجل، ليس طرفاً في أي حديث، وبين الحين والآخر أتذكره فأبحث عن اسمه فأطمئن أنه على قيد الحياة.
لم يحدث أن أدلى الرجل بدلوه في أي قضية، بما في ذلك قضية طوفان الأقصى، ولم يحدث أن أخذه أحد غياباً في أي حضور، فقد جاء من المحكمة الدستورية العليا لمهمة محددة، هي تسليم السلطة بعد عزل الرئيس المدني المنتخب، وكان في المرحلة الانتقالية غائباً، لدرجة أن مستشاره الإعلامي أحمد المسلماني وجد فراغاً تمدد فيه، وصار هو من يعقد اللقاءات مع قادة الأحزاب السياسية، ولا أعتقد أن أحدهم سأل أين الرئيس؟ يقولون إنه في اجتماع وحيد برئاسته سأله رئيس حزب مصر القوية عبد المنعم أبو الفتوح إن كانت بيده سلطة اتخاذ القرار، أم أنهم يضيعون وقتهم معه على الفاضي؟!
فلماذا أقدم أحدهم على اصطناع تصريحات له على «لوغو» قناة «أون»، لتصبح حديث الناس وسخريتهم، لا سيما وأن المكتوب مضطرب من حيث الصياغة؟!
وإذ أعدت أنا نشر هذه المنشور المصطنع، والذي أثار صخباً واسعاً، فإن شكوكا تفاعلت في رأسي حول صحة ذلك، فذهبت لصفحة القناة، فلم أجد شيئاً عن هذه المقابلة للمؤقت، أو المداخلة المنسوبة للقناة، وعليه نشرت اعتذارا، لتقوم القناة الأولى المصرية، بعد ثلاثة أيام من الواقعة، بإذاعة نفي مسبوق بكلمة «عاجل»، فلماذا «عاجل»؟!
اللافت أن النفي نسب لمصدر قيل إنه مقرب من المستشار عدلي منصور، لم تسمه القناة، وماذا لو كان المقرب منه هذا هو ابن خالته، هل كان يمكن أن ينشر على هذا النحو: «عاجل»: ابن خالة المستشار عدلي منصور ينفي صدور رأي منه بخصوص الحرب الإيرانية الإسرائيلية؟ ليكون السؤال هل ابن اخته الكبرى أم الصغرى، وهل «البكري» أم «آخر العنقود»؟!
القناة تتبع التلفزيون الرسمي، وليست من إعلام المعارضة في المهجر، وقد وجد القائمون عليها أهمية النفي ولو بعد ثلاثة أيام، ووجدوا أنه نفي ينبغي أن يسبق بـ «عاجل» لإثبات أهميته، فلماذا لم ينسب النفي لمنصور، بل لماذا لم يحصلوا منه على تصريح بأن لم يدل بتصريحات لقناة أون أو غيرها من القنوات، وأن علمه – مثلا – لم يتصل بأن هناك حرباً بين إيران وإسرائيل!
ويا أيها العاجل سلامات!

التحليل بالأماني وما يطلبه
المستمعون من الأغاني

يبدو لي أن «التحليل السياسي» ليس مهنة عربية بالأساس، بل هو وظيفة لا يصلح لأن يشغلها عربي كريم العنصرين!
يخلط المحللون العرب، بين الأماني والواقع، ويضبطون إيقاعهم على ما يطلبه المستمعون من الأغاني، فيحسمون، ويحزمون، ويقررون، ويتوقعون أموراً هي في علم الغيب، نتحدث عن القاعدة التي لها استثناءات، لهذا ففي الأحداث الكبرى اسمع تحليل كبار المراسلين، ثم أنصرف بعيداً وقد أغلق التلفاز إلا من تحليل نفر قليل.
ومنذ حرب احتلال العراق، إلى الثورة السورية، إلى طوفان الأقصى، ألا يستدعي الأمر أن تشكل كليات الإعلام والسياسة مجموعات عمل لتحليل كل ما قيل على لسان خبراء اعتمدوا على ذاكرة السمك، وأعادوا تجديد أنفسهم مع كل حدث جديد، وهكذا؟!
وإذا تشكلت هذه اللجان فسوف تكشف كوارث قيلت وتوقعات أعلنت لم تتحقق وطواها الزمن، وكان المحللون يقولون إن العراق لن تسقط أبدا، وكان كثير من المحللين في بداية الثورة السورية يعلنون أن ما جرى على مبارك، وعلي عبد الله صالح، وبن علي، والقذافي، سيجري على بشار الأسد، وعندما صمتوا اقراراً بالهزيمة حدث النصر بعيداً عن توقعاتهم وبعد أكثر من عشر سنوات!
كنت أستمع إلى الإجابة النموذجية لمحلل غربي، وقد سئل عن توقعاته: هل ستشارك واشنطن في الحرب؟ ولو كان واحداً من بني جلدتنا فربما حسم وجزم بالشيء الأكثر إثارة، لكن المحلل الغربي قال إنه يشعر بالقلق إذا حدث هذا لأن دائرة الحرب ستتسع. ولم يقل إن أمريكا ستشارك أو لن تشارك، ولم يتورط في شيء من هذا.
بعض المحللين العرب قد تختلط لديهم الأدوار فلا يكتفون بالتحليل والتنظير، إنما يتصور الواحد منهم نفسه مراسلاً على الجبهة أو هيكل مثلا على اتصال بمصادر المعلومات، فيقول المحلل من هؤلاء إن لدي معلومات؟ لديك معلومات؟ من أين؟ هل يتعامل مع الجان ويسخره من وراء ظهورنا؟!
من يردع هؤلاء؟!

صحافي من مصر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى