ابتهاج رسمي بالضربات “المدهشة” على إيران.. مراقبون إسرائيليون يحذرون من غياب “خطة خروج” والتورط بحرب استنزاف

مقالات واراء – هلا نيوز اونلاين
وديع عواودة
يمجّد مراقبون بارزون في إسرائيل “القرار التاريخي” الذي اتخذه رئيس حكومتها نتنياهو بالحرب على إيران، بيد أنهم ينبهون ويحذرون من عدم وجود خطة للخروج من الحرب والتورط في حالة استنزاف.
ويعتبر المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” العبرية عاموس هارئيل أن إسرائيل أنزلت ضربة افتتاحية مدهشة على إيران، لكنها ستستصعب الصمود في حرب استنزاف معها، وليس واضحًا إذا كانت تمتلك خطة خروج.
ويضيف: “الهجمة الإسرائيلية مكسب عملياتي واستخباراتي زاهر، لكن الإيرانيين استفاقوا من الصدمة الأولى، ومن المتوقع أن تستمر الهجمات على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وعندما يكون غير واضح إنْ كان يملك خطة خروج، وإزاء الخطر بنشوب حرب استنزاف، فإنَّ رئيس الحكومة بحاجة إلى ترامب من أجل إنتاج مكسب سياسي”.
كما يوضح هارئيل أن ضعف المؤسسة الأمنية في إسرائيل، اليوم، ساهم في دفع نتنياهو لاتخاذ القرار بالحرب، مشددًا على أن السؤال الكبير: هل إسرائيل قادرة على تدمير مكونات نووية حيوية؟ ما زال بلا جواب.
ويكاتبه المحلل السياسي البارز في صحيفة “يديعوت أحرونوت” ناحوم بارنياع، الذي يقول في مقال بعنوان “مسؤولية نتنياهو” إن نتنياهو هو صاحب القرار وهو المسؤول، وإن كل المكسب يُحسب له ويُسجل على اسمه، معتبرًا أن القرار قد يأخذ معنى تاريخيًا.
في المقابل، يؤكد هو الآخر، منبهًا، أنه لا توجد لدى نتنياهو إستراتيجية خروج، لا من غزة، ولا في قضية تجنيد الحريديم، ولا في الحرب على إيران.
ويشكك بارنياع في احتمالات النصر على إيران، بخلاف الموقف الإسرائيلي الرسمي، فيقول إن السفير الإسرائيلي الأخير في طهران، أوري لوبراني، قبل اندلاع الثورة الإسلامية، زعم أنه بواسطة عشرات ملايين الدولارات يمكن تغيير النظام الإيراني، بيد أن العجيبة لم تحدث.
ويضيف: “بحال وقعت العجيبة الآن عقب الحرب على إيران نكون قد انتصرنا”.
موقف ترامب
ويرى بارنياع أن هدف الرئيس الأمريكي ترامب واضح: أن يجد إيران بعد الحرب ضعيفة، وتجديد المفاوضات معها بشروط أفضل. أما إسرائيل، فهي كلب الهجوم بالنسبة له. الاتفاق هو نقطة الخروج عند ترامب، فما هي نقطة الخروج لدى نتنياهو؟
ويرى زميله في “يديعوت أحرونوت” المحلل السياسي البارز المختص بالشؤون الدولية نداف أيال أن الحرب على إيران في 2025 تشبه كثيرًا الحرب الإسرائيلية على مصر وسوريا عام 1967. ويشير أيال إلى وجه الشبه بين الحربين بالتنويه إلى عملية المباغتة وضرب الطائرات والمطارات، ما قاد إلى حسم المعركة في غضون ستة أيام.
ويتابع في هذا السياق: “سيضيف الجنرالات في إطار المقارنات والشبه أيضًا إزالة خطر وجودي، كما حصل في حرب 1967”. وعلى غرار مراقبين إسرائيليين آخرين، يرى أن النهاية موجودة بيد ترامب.
في سياق المقاربات، يتوقف محلل الشؤون الاستخباراتية في صحيفتي “يديعوت أحرونوت” و”نيويورك تايمز”، رونين بيرغمان، عند أسباب الإخفاق الإيراني بالإشارة إلى “الثقة المفرطة بالنفس” لدى قيادة الحرس الجمهوري و”استخفافه” بتهديدات إسرائيل: “ظنّ قادة الحرس الجمهوري أن إسرائيل كانت تناور وتحاول الابتزاز من خلال الضغط على إيران، حتى أُخذوا على حين غرّة وفوجئوا بالصواريخ تقتل قياداتهم فجر الجمعة”.
في إشارة بالتلميح إلى الثمن الكبير اللاحق بإسرائيل نتيجة الاستخفاف بحركة “حماس”، يقول بيرغمان إن ما حصل مع قادة الحرس الجمهوري قد حصل مع دول عظمى أخرى في الشرق الأوسط. وهنا يتقاطع بيرغمان أيضًا مع محللين وخبراء إسرائيليين حول التتمة، بقوله إن الضربة الإسرائيلية الأولى كانت مدهشة، لكنها البداية فقط، وفي هذه المرحلة ليس واضحًا ما هي الأهداف وما هي إستراتيجية الخروج لدى إسرائيل.
ويتفق بيرغمان مع الرأي بأن إيران أخطأت في التقديرات، وأنها استخفّت بالخطر، حيث ينبه إلى أن الرأي السائد حتى يوم الجمعة كان أن إسرائيل والولايات المتحدة على تنسيق في مناورة ليست حكيمة جدًا، من خلال إبراز عضلات وتوسيع تشكيلة ضغط ترامب على إيران كي توافق على تنازلات جوهرية في المفاوضات، لكن الصواريخ بدأت بالسقوط، وتمت تصفية القيادات واحدًا تلو الآخر.
ويضيف بهذا الخصوص: “كل شيء كان مكشوفًا جليًا. هذه مجرد أقوال، وإسرائيل تناور وتلعب”، قال مسؤول رفيع في قيادة الحرس الجمهوري قبل ثوانٍ معدودة من بدء الطائرات الإسرائيلية بإلقاء المتفجرات على طهران.
بيد أن إيران، كما هو الحال مع دول عظمى أخرى في الشرق الأوسط في العامين الأخيرين، اختارت إغماض العيون، وسددت الثمن باهظًا جدًا.
وينضم بيرغمان إلى مراقبين إسرائيليين آخرين، وينقل عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين عقلاء اعتقادهم بأنه يحظر على إسرائيل محاولة القيام بما لم ينجحوا به في إيران منذ تأسيس الثورة الإسلامية، أو في أي مكان آخر: تغيير نظام الحكم من الخارج.
أما محلل الشؤون الشرق أوسطية في صحيفة “هآرتس”، تسفي بار إيل، فيذهب إلى تنبيه أشد، بالقول إنه إذا ما قامت إسرائيل بحشر إيران في الزاوية، إلى درجة أن ترى بما يجري الآن حربًا وجودية، فمن شأن طهران تغيير طابع ردها: إشعال حرب إقليمية.