وُجد الأردن ليبقى

هلا نيوز اونلاين
بقلم الدكتور طه الحراحشه
إن ما تشهده سماء الأردن هذه الأيام من تهديدات متكررة، ليس إلا نتيجة مباشرة لسياسات إيران العدائية، والتي تعبث بأمن الأجواء العربية دون إذن أو تنسيق، عبر إطلاق مقذوفات بدائية تفتقر لأدنى معايير الدقة والسلامة… صواريخ عمياء، تسير على غير هدى، لا تميز بين هدف عسكري أو مدني، وهي تهديد مباشر لحياة المواطن العربي، والأردني بشكل خاص…
منذ اللحظة الأولى، كان موقف الدولة الأردنية واضحًا وصارمًا: لا لاستخدام أجوائنا في صراع لا ناقة لنا فيه ولا جمل. وقد التزمت إسرائيل بهذا القرار، إلا أن إيران، التي تفتقر لسلاح جو حديث، تواصل إطلاق هذه الصواريخ العشوائية، ضاربة بعرض الحائط كل الأعراف والاتفاقات، وهو ما يضع حياة الأردنيين الأبرياء في مهب الخطر.
في هذا المقام، لا يسعنا إلا أن نحيي قواتنا المسلحة الباسلة، وأجهزتنا الأمنية المتيقظة، وعلى رأسها الدفاع المدني، الذين يحملون أرواحهم على أكفهم منذ أول يوم في الخدمة، أقسموا على حماية الوطن والمواطن، وهم مشروع شهادة دائم في سبيل الله والوطن.
ونحن نقولها بوضوح: لن نسمح بأن تُراق قطرة دم أردنية واحدة على مذبح الأطماع الإيرانية لنشر مذهب غريب دخيل على عقيدتنا وأرضنا الطاهرة… على إيران أن تعي أن مشروعها التوسعي الطائفي مرفوض، وأن سعيها المحموم لامتلاك أسلحة دمار شامل في منطقة مستقرة نسبياً، ما هو إلا تهديد جماعي، لا يستثني أحداً. فهذه الأسلحة في حقيقتها ليست موجهة لإسرائيل كما تدّعي، بل لابتلاع المنطقة بأكملها.
من يقف مع هذا المشروع المجوسي أو يصفق له، فإنه يخرج عن ملة الإسلام، ويضع نفسه في مواجهة الشعوب، قبل الأنظمة. فنحن بين عدو صهيوني توسعي ماكر، يقتل ويهجر ويهدم، وعدو فارسي يحمل نفس السمات في قوارير مختلفة، ويدّعي البطولة في زمن الخداع…
إسرائيل، من جهتها، لم تقف مكتوفة الأيدي، فكما نقلت بعض الصحف العبرية، فقد تم التخطيط لرد استراتيجي بمشاركة الولايات المتحدة، مع مكر سياسي ظاهر، تمثل في غياب نتنياهو عن المشهد تحت ذريعة زفاف نجله وإجازته، وذهاب وزرائه إلى أمريكا، بينما تُرسم في الخفاء خريطة التصعيد القادمة، ظاهريًا للتهدئة، وباطنًا لمزيد من التصعيد.
وها هي إسرائيل، تستنسخ دروس التاريخ، كما فعلت مصر في أكتوبر 1973 حين باغتت العدو في رمضان، فاليوم تباغت إيران بهجمات سيبرانية وطائرات مسيّرة من الداخل الإيراني كما فعلت أوكرانيا، لتصيب الدفاعات الجوية بدقة، وأصبحت الطائرات الإسرائيلية كأنها نزهة في سماء طهران.
نقولها بثقة: الأردن باق، والمشروع الإيراني الإسرائيلي إلى الزوال.